للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: لفظ بني لا يشمل الإناث: ظاهر الرواية الثانية في المذهب الحنفي عن الإمام أبي حنيفة (١)، وهو ظاهر الرواية عن أصحاب الإمام مالك (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤) .. عدم دخول البنات مع البنين في هذه الصيغة، ومثاله: ما جاء عن قال قاضي خان: لو قال الواقف: "على بَني، وليس له بنون وله بنات؛ فالغلة للفقراء" (٥).

واعترضوا على الاستدلال بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحسن ابن ابنته: "إِنَّ ابِني هَذَا سَيِّدٌ، وَلعَلَّ اللَّهَ أَن يُصلِحَ بِهِ بَينَ فِئَتَينِ من المُسلِمِينَ" (٦) .. في إثبات تحقق معنى البنوة في أبناء البنات، وقالوا: "هذا مجاز، وإنما أشار به إلى تشريفه وتقديمه، ألا ترى أنه يجوز نفيه عنه، فيقول الرجل في ولد بنته: ليس بابني، ولو كان حقيقة ما جاز نفيه عنه؛ لأن الحقائق لا تنفي عن منتسباتها" (٧).

رد الاعتراض: قال المثبتون لدخول أبناء البنات مع البنين: "هذا الاستدلال غير صحيح، بل هو ولد على الحقيقة في اللغة؛ لوجود معنى الولادة فيه، ولأن أهل العلم قد أجمعوا على تحريم بنت البنت من قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (٨)، وقال تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} .. إلى قوله: {مِنَ الصَّالِحِينَ} (٩)؛ فجعل عيسى من ذريته، وهو ابن بنته" (١٠).


(١) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة، ابن مَازَة، ٦/ ١٥٥.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ١٦/ ٧٨.
(٣) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة، ابن مَازَةَ، ٦/ ١٥٥.
(٤) انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد، بن قدامة، ٢/ ٢٥٦.
(٥) الفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، دار الفكر، ط ٢، ١٣١٠ هـ، ٢/ ٣٧٥، والجوهرة النيرة، أبو بكر بن علي بن محمد الحدادي العبادي الزَّبِيدِيّ اليمني الحنفي، المطبعة الخيرية، ط ١، ١٣٢٢ هـ، ٢/ ٣٧٥.
(٦) صحيح البخاري، البخاري، كتاب الصلح، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي رضي الله عنهما: "ابني هَذَا سَيِّدٌ، وَلعَلَّ اللَّهَ أَن يُصلِحَ بِهِ بَينَ فِئَتَينِ عَظِيمَتَينِ" وَقَولِهِ جل ذكره: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (سورة الحجرات، آية ٩)، ٣/ ١٨٦.
(٧) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: ١٦/ ٧٨.
(٨) سورة النساء، آية ٢٣.
(٩) سورة الأنعام، آية ٨٤ - ٨٥.
(١٠) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ١٦/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>