للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علَّق الإمام الشافعي والإمام ابن القيم على فعل الصحابة؛ فقال الشافعي: "إنا أجزناها اتباعًا لمن كان قبلنا؛ مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. . وغيرهما، وهم ولوا صدقاتهم حتى ماتوا، فلا يجوز أن نخالفهم في أن لا نجيزها إلا مقبوضة، وهم قد أجازوها غير مقبوضة بالكلام بها، فتوافقهم في إجازتها" (١)، وقال ابن القيم من الحنابلة: "وهو اتفاق من الصحابة؛ فإن عمر - رضي الله عنه - كان يلي صدقته، وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة" (٢).

٣ - المعقول: وبيانه من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أن الوقف متلقىً من جهته؛ فاتُّبع شرطه ونصُّه؛ لأن شرط الواقف كنصِّ الشارع (٣) (٤)، ثم إن المتولي إنما يستفيد الولاية من جهته بشرطه، فيستحيل أن لا يكون


(١) انظر: الأم، الشافعي، ٤/ ٥٩.
(٢) إعلام الموقعين، ابن القيم الجوزية، ٣/ ٣٧١.
(٣) المراد بكون شروط الواقف كنصوص الشارع: في الفهم والدلالة، وتقييد مطلقها بمقيدها، وتقديم خاصها على عامها، والأخذ فيها بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لا أن يراد كنصوص الشارع في وجوب مراعاتها والتزامها وتنفيذها، فهذا باطل، بل يبطل منها ما لم يكن طاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وينفذ منها ما كان قربة وطاعة، فهذا الواجب في الاعتماد في شروط الواقفين، قال ابن نجيم الحنفي: "وبهذا عُلم أن قولهم: شرط الواقف كنص الشارع. . ليس على عمومه، قال العلامة قاسم في فتاواه: أجمعت الأمة أن من شروط الواقفين ما هو صحيح معتبر يُعمل به، ومنها ما ليس كذلك، ونص أبو عبد الله الدمشقي في كتاب الوقف، عن شيخه شيخ الإسلام: "قول الفقهاء: نصوصه كنصِّ الشارع، يعني في الفهم والدلالة، لا في وجوب العمل، مع أن التحقيق أن لفظه ولفظ الموصي والحالف والناذر، وكل عاقد. . يُحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها، وافقت لغة العرب ولغة الشرع أم لا، ولا خلاف أن من وقف على صلاة أو صيام أو قراءة أو جهاد غير شرعي. . ونحوه لم يصح". انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، ٥/ ٢٦٥، وانظر مجموع الفتاوى، شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، ٣١/ ٤٧، وإعلام الموقعين عن رب العالمين، محمد بن أبي بكر المشهور بـ "ابن القيم الجوزية"، ٤/ ١٨٦.
(٤) انظر: الدر المختار على تنوير الأبصار، علاء الدين بن الحصكفي، ٤/ ٤٣٣، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح، أحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي الحنفي، تحقيق: محمد عبد العزيز الخالدي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٨ هـ/ ١٩٩٧ م، ٢٠١، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٦٦، وإعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح =

<<  <  ج: ص:  >  >>