للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعرضوا إلى هذا الشرط؛ لأنه داخل ضمنًا في شرط الكفاية في التصرُّف والخبرة به والقوة عليه، ولا يمكن أن يتحقَّق في الناظر على الوقف الكفاية إذا لم يكن رشيدًا؛ لأن الرشد لازم من لوازم الكفاية؛ إذ الرشد - كما مرَّ - هو حسن التصرُّف في الأمر حسًّا أو معنى، دينا أو دُنيا.

ويؤيد هذا ما نصَّ عليه الشافعية في باب الوصية، حيث جعلوا الرشد وعدم السفة من لوازم الكفاية، قال النووي: "الركن الأول: الوصي، وله خمسة شروط: وهي التكليف، والحرية، والإسلام، والعدالة، والكفاية في التصرفات ... ولا تجوز (أي الوصاية) إلى فاسق، ولا إلى عاجز عن التصرُّف لا يهتدي إليه؛ لسفه أو هرم .. أو غيرهما" (١)، وقال الشربيني: "وشرط الوصي (أي الموصى إليه) تكليف ... وهداية إلى التصرُّف في الموصى به، فلا يصحُّ إلى من لا يهتدي إليه؛ لسفه أو مرض أو هرم أو تغفل؛ إذ لا مصلحة في تولية من هذا حاله" (٢).

وأما الإمامية فقد نصُّوا على اشتراط الرشد في الناظر على الوقف، وجعلوه صفة لكونه جائز التصرُّف، حيث نصُّوا على أنه: "لا يشترط في الولي أكثر من أن يكون جائز التصرُّف بالبلوغ والعقل والرشد" (٣).

فيكون شرط الرشد شرطًا لصحة ولاية الناظر على الوقف عند الفقهاء، فلا تصحُّ نظارة سفيه على الوقف.


(١) روضة الطالبين، يحيى بن شرف النووي، ٦/ ٣١١.
(٢) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد بن أحمد الشربيني، ٣/ ٧٤.
(٣) أحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، ٢٣٦، وانظر أيضًا مستند القضاء الجعفري، السيد عبد الله فحص، ٥٠٣، وفقه الإمام جعفر الصادق، محمد جواد مغنية، ٥/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>