للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: أنه لا يُشترط في المتولي أن يكون عدلًا، بل يكفي أن يكون موثوقًا أمينًا؛ سواء أكان المتولي المجعول في صيغة الوقف هو الواقف نفسه، أم كان غيره (١).

أدلة أصحاب القول الثالث: القائلون بأن العدالة شرط في صحة ولاية الوقف، ما لم يكن الناظر هو الموقوف عليه، كما تصحُّ ولاية غير العدل إن رضي الموقوف عليه وكان مالكًا أمر نفسه. المعقول: وهو من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أنه لا يصحُّ تولية الناظر الفاسق، وأنه ينعزل إذا فسق في أثناء ولايته؛ لأنها ولاية على حقِّ غيره فنافاها الفسق، كما لو ولَّاه الحاكم، وكما لو لم يمكن حفظ الوقف منه مع بقاء ولايته على حقِّ غيره، فإنه متى لم يمكن حفظه منه أُزيلت ولايته، فإن مراعاة حفظ الوقف أهمُّ من إلقاء ولاية الفاسق عليه (٢).

الوجه الثاني: أنه إن كان النظر للموقوف عليه؛ فهو أحقُّ بذلك، عدلًا كان أو فاسقًا؛ لأنه ينظر لنفسه، فكان له ذلك (٣).

الوجه الثالث: أنه إنما تصحُّ ولاية غير العدل إن رضي الموقوف عليه وكان مالكًا أمر نفسه؛ لأن الناظر إذا خان حملوه على السداد (٤).

أدلة أصحاب القول الرابع: القائل بأن النظر إذا كان لغير الموقوف عليه، وكانت توليته من الحاكم أو الناظر؛ فلا بدَّ من شرط العدالة فيه، وإن كانت توليته من الواقف، وهو فاسق، أو كان عدلًا ففسق؛ يصحّ، ويُضمُّ إليه أمين، وإن كان النظر للموقوف عليه؛ إما بجعل الواقف النظر له، أو لكونه أحقَّ بذلك عند عدم ناظر؛ فهو أحقُّ بذلك، عدلًا كان أم فاسقًا.


(١) انظر: مستند القضاء الجعفري، السيد عبد الله فحص، ٥٠٣، وفقه الإمام جعفر الصادق، محمد جواد مغنية، ٥/ ٧٣.
(٢) انظر: المغني، ابن قدامة عبد الله بن أحمد المقدسي، ٥/ ٣٧٨.
(٣) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس البهوتي، ٤/ ٢٧١، ومنتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، ابن النجار محمد بن محمد الفتوحي، ٢/ ٤١٣.
(٤) انظر: روضة الطالبين، يحيى بن شرف النووي، ٥/ ٣٤٧، والوسيط في المذهب، محمد بن محمد الطوسي الغزالي، ٤/ ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>