للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة القول الثاني: القائل بأنه لا نظارة على الوقف لمن سألها.

السنة والمعقول:

١ - السنة: عَنْ أَنَسِ بْن مَالِك قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ طَلَبَ القَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعَنْ عَلَيهِ؛ أَنْزَلَ اللهُ ملكًا يُسَدّدُهُ" (١).

وجه الدلالة:

دلَّ الحديث على النهي عن طلب الإمارة؛ لأن الولاية تفيد قوة بعد ضعف، وقدرة بعد عجز، تتخذها النفس المجبولة على الشرِّ وسيلة إلى الانتقام من العدو، والنظر للصديق، وتتبُّع الأغراض الفاسدة، ولا يوثَق بحسن عاقبتها، ولا سلامة مجاورتها، فالأوْلى ألا تُطلب ما أمكن (٢).

٢ - المعقول: وهو من وجهين:

الوجه الأول: أن من طلب التولية على الوقف لا يُعطي له؛ قياسًا على تولية القضاء، فمن طلب القضاء فلا يُقلَّد، فكذا من طلب التولية على الوقف (٣).

الوجه الثاني: أن من طلب القضاء أو النظارة أو الوصاية لا يولَّي، وعلَّلوه بأن الطالب موكول إلى نفسه، وهو عاجز، فيكون سببًا لتضييع الحقوق (٤).

(فائدة) ذهب عامَّة أهل العلم إلى أن الناظر بالأصالة؛ سواء كان الواقف، أو الموقوف عليه المعيَّن المحصور، أو الحاكم .. له أن يستنيب نصبَ ناظر وعزلَه؛ لأصالة ولايته، فأشبه المتصرِّف في مال نفسه (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده حديث رقم (١٢٨٢٤)، وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب في طلب القضاء والتسرُّع إليه، حديث رقم (٣١٠٧)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين، كتاب الأحكام، حديث رقم (٧١٢١)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وضعَّفه الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف سنن أبي داود، حديث رقم (٣٥٧٨).
(٢) انظر: سُبل السلام، الصنعاني، ٢/ ٥٦٧.
(٣) انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٨٠.
(٤) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، ٦/ ٢٩٨.
(٥) انظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، ٦/ ٣٧، وإعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، ٣/ ١٨٦، والإنصاف، المرداوي، ٧/ ٦٦، وأحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، ٣٢٦، وسبل السلام، الصنعاني، ٢/ ٥٦٧، ورد المحتار على الدر المختارة ابن عابدين، ٤/ ٣٨٠، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، ٦/ ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>