للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن الشافعية ما يفيد تعويض الضرر من مال الوقف إن اشترطه الواقف، ما جاء عندهم في مسألة الخلاف بين ناظر الوقف والمستأجر للأرض بعقد المغارسة: "لو أراد الناظر بعد المدة القلع وغرم الأرش من مال الوقف ولم يقتضه شرط الواقف لم يجز" (١).

وجاء عن الحنابلة: "ولو وقف كرومًا على الفقراء، ويحصل على جيرانها ضرر، يعوض عنها بما لا ضرر فيه على الجيران ويعود الأول ملكًا، والثاني وقفًا" (٢).

والشاهد من هذه الفتوى القول بأن الضرر كما يقع من الشخص الحقيقي ويترتب عنه التعويض عنه، كذلك الشأن للوقف باعتباره شخصية معنوية، فكما جازت الفتوى بتغييره أو باستبداله أو مناقلته دفعا للضرر؛ جاز للمتضرر طلب التعويض عما وقع عليه من ضرر.

وجاء عن الإمامية، مسألة جناية العبد على غيره مما يوجب الضمان في المال واختلافهم في تعلقها هل هي في كسب الجاني أو واقفه أو بيت المال أو قالوا: "إن تعذَّر تعلقه برقبته، تعلق بما هو أقرب" (٣)، والشاهد من كلام الفقيه أنه يثبت الضمان والتعويض من الوقف نحو الجهة التي تسبب لها في ذلك.

وجاء عن الإباضية: "وسئل: عن نخلة المسجد أو شجرته إذا مالت على حائط أو مسجد أو بيت، هل يصلح زوالها إن خيف الضرر؟ الجواب: يزال ما خيف ولو كانت النخلة لمسجد أو غيره إن مالت على حائط أو مسجد أو بيت أو غير ذلك، والله أعلم" (٤)، فالقول بإزالة النخلة الآيلة للسقوط، إشارة ضمنية من المفتي بجواز التعويض لو وقعت على ما وصفه في سؤاله.


(١) الفتاوى الكبرى الفقهية، الهيتمي، ٣/ ١٦٠.
(٢) الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، ٥/ ٤٣٣.
(٣) المبسوط في فقه الإمامية، الطوسي، صحَّحه وعلَّق عليه: مُحَمَّد تقي الكشفي، دار الكتاب الإسلامي، بيروت، ط ١، ١٩٩٢ م، ٣/ ٢٨٩.
(٤) خلاصة المسائل بترتيب المسائل، عيسى بن صالح بن علي الحارثي، ترتيب: حمد بن عبد الله بن حميد السَّالِمِي، تحقيق: مُحَمَّد بن سعيد المعمري، وزارة الثقافة العمانية، ط ١، ١٤٢٧ هـ./ ٢٠٠٦ م، ٤/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>