للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: وجوب الزكاة في العين الزكوية الموقوفة:

قرَّر فقهاء المالكية، والشافعية في رواية عنهم (١) وجوب الزكاة في العين الموقوفة الزكوية واعتبروا أن الزكاة تجب في العين كالمشياة، إذ نجدهم يخصصون الكلام عن زكاة الإبل المحبسة سواء كانت موقوفة على جهة بر عامة أو خاصة.

ومثاله، ما جاء في المدونة لسحنون من فقهاء المالكية: "فقلت لمالك: فرجل جعل إبلًا له في سبيل الله، فحبس رقابها وحمل على نسلها، أتؤخذ منه الصدقة كما تؤخذ من الإبل التي ليست محبسة؟ فقال: نعم فيها الصدقة. قلت لمالك: أو قيل له: فلو أن رجلًا حبس مائة دينار موقوفة يسلفها الناس ويردونها على ذلك جعلها حبسًا هل ترى فيها زكاة؟ فقال: نعم، أرى فيها زكاة" (٢).

مع التنبيه على أن إخراج الزكاة على من عينهم الواقف متعلق بشرط بلوغ المال المستحق النصاب، قال الحطَّاب من فقهاء المالكية: "وإن أوقف ليفرق، فإن كان على معينين فلا زكاة على من لم تبلغ حصته عدد الزكاة، وإن كان على مجهولين فالزكاة في جملة الأولاد إذا تم لها حول من وقت الولادة كذا ذكره ابن يونس" (٣).

كما استثني المالكية من ذلك ما أوقف ليفرق أو ليباع ثمّ يفرق غلته على المصارف التي حددها الواقف، إذ قال صاحب المدونة: "قلت له (لمالك): فلو أن رجلًا جعل مائة دينار في سبيل الله تفرق أو على المساكين، فحال عليها الحول هل تؤخذ منها الزكاة؟ فقال: لا، هذه كلها تفرق وليست مثل الأولى، وكذلك البقر والإبل والغنم إذا كانت في سبيل الله تفرق أو تباع فتقسم أثمانها فيدركها الحول قبل أن تفرق، فلا


(١) انظر: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء، القفال، تحقيق: د. ياسين أحمد إبراهيم درادكة، مؤسسة الرسالة، بيروت، دار الأرقم - عمان، ١٩٨٠ م، ١٣.
(٢) المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس، أَبُو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي المعروف بـ"سحنون"، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، ١/ ٣٨٠.
(٣) مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، الحطَّاب، تحقيق: زكريا عميرات، دار عالم الكتب، ط ١٤٢٣ هـ/ ٢٠٠٣ م، ٣/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>