للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن دليل المصلحة الشرعية على اعتبار أن تنمية المال مصلحة شرعية معتبرة، في عموم المال ويتأكد في مال الضعفاء كالأيتام والوقف من باب أولى.

فجاء عن الحنفية: "من المعلوم أن أول ما يفعله القيم في غلَّة الوقف البداءة بالعمارة وأجرة القوام؛ وإن لم يشترطها الواقف" (١)؛ لأن عمارة العين الموقوفة والمحافظة عليها أمر لا ينفك عن معنى الزيادة فيها؛ وهذا؛ لأنها "وإن لم تكن مشروطة في الوقف نضا؛ فهي مشروطة اقتضاء" (٢).

وجاء عنهم أيضًا: "ولو كان الوقف على عمارة المسجد، هل للقيم أن يشتري سلمًا ليرتقي على السطح لكنس السطح وتطيينه، أو يعطى من غلَّة المسجد أجر من يكنس السطح ويطرح الثلج ويخرج التراب المجتمع من المسجد؟ قال أبو نصر: للقيِّم أن يفعل ما في تَرْكه خراب المسجد" (٣).

وورد أيضًا: "للقيِّم أن يفعل ما في تركه خراب المسجد"، ضرورة إعمار الوقف بما يناسب غرضة منه كالصيانة الدورية له، أو من خلال إعادة بنائه مجددا عند خرابه، أو التعدي عليه بالهدم.

قال صاحب الاختيار لتعليل المختار: "وما انهدم من بناء الوقف وآلته صرف في عمارته، فإن استغني عنه حبس لوقت حاجته، وإن تعذَّر إعادة عينه بيع، ويصرف الثمن إلى عمارته، ولا يقسمه بين مستحقي الوقف" (٤).

وجاء عن المالكية: "الناظر على الوقف يقدم إصلاحه وعمارته إن كان عقارًا ونفقته إن كان حيوانًا على المحبس عليهم. ولو شرط الواقف عدم التبدئة بذلك؛ لم يعمل بشرطه" (٥)، وجاء أيضًا عنهم: "قال ابن كنانة: فالدار الحبس تخرب، أنها تصلح من فضل الكراء" (٦).


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٥٤.
(٢) المحيط البرهاني، ابن مازه، دار إحياء التراث العربي، ٥/ ٣٣٧.
(٣) البحر الرائق، ابن نجيم، ٥/ ٢٣٣.
(٤) بدائع الصنائع، الكاساني، ٦/ ٢٢١.
(٥) البهجة في شرح التحفة، التسولي، ضبطه وصححه: محمد عبد القادر شاهين، لبنان، ط ١، ١٤١٨ هـ. ٢/ ١٩٩٨ م، ٢/ ٣٩٢.
(٦) النوادر والزيادات، ابن أبي زيد القيرواني، ١٢/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>