للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن الإباضية: "الوقف لا يجوز بيعه، ولا يجوز شراؤه، ولو لمن أراد أن يجعله وقفًا" (١)، وجاء عنهم أيضًا: "ولا يباع ما وقف أبدًا ولو كان يهلك" (٢).

وجاء عن الظاهرية قول ابن حزم: "مسألة: ومن حبس وشرط أن يباع إن احتيج صح الحبس - لما ذكرنا من خروجه بهذا اللفظ إلى الله تعالى - وبطل الشرط؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى، وهما فعلان متغايران، إلا أن يقول: لا أحبس هذا الحبس إلا بشرط أن يباع، فهذا لم يحبس شيئًا؛ لأن كل حبس لم ينعقد إلا على باطل فلم ينعقد أصلًا وبالله تعالى التوفيق" (٣).

وعلَّل الفقهاء قولهم بمنع بيع العين الموقوفة عملًا بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يُبَاعَ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبَ، وَلَا يُورَثَ" (٤)، واحتجوا أيضًا بعمل الصحابة، وقالوا: إن هذا "قول أكثر أهل العلم، منهم عمر، وعلي، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، - رضي الله عنه - " (٥).

وعلَّلوا المنع ببقاء أوقاف السلف على حالها مما يدل على منع بيعها (٦)، ويعللون قولهم بالمنع بما ضبطوه من القواعد الكلية للوقف من أنه: "يمتنع كل ما غير الوقف بالكلية من اسمه الذي كان عليه حال الوقف، بخلاف ما يبقى الاسم معه، نعم إن تعذر المشروط جاز إبداله" (٧).


(١) خلاصة الوسائل، عيسى بن صالح الحارثي، ٤/ ٧٥.
(٢) المرجع السابق، ٤/ ٧٥ وما بعدها.
(٣) المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الجيل ودار الآفاق الجديدة، ٩/ ١٨٣.
(٤) الجامع الصحيح (سنن الترمذي)، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، باب في الوقف، ٣/ ٦٥٩، قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافًا في إجازة وقف الأرضين وغير ذلك".
(٥) المغني، ابن قدامة، ٢/ ٥٨٠.
(٦) حاشية الصاوي، ٤/ ٣٠.
(٧) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الرملي، ٥/ ٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>