للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاء عن الشافعية: "لو كان للمسجد شقص من أرض مشتركة مملوك له بشراء أو هبة ليصرف في عمارته ثم باع شريكه نصيبه، فللقيم أن يشفع؛ أي يأخذه بالشفعة إن رآه مصلحة، كما لو كان لبيت المال شريك في أرض فباع شريكه نصيبه؛ فللإمام الأخذ بالشفعة إن رآه مصلحة" (١).

وجاء عن الإمامية: "وقال المرتضى: تثبت، وهو أشبه" (٢).

وسبب الخلاف في المسألة العمل بدلالة القاعدة الفقهية: "التابع تابع"، ومدى تطبيقها على كل هبة أو ملك اشتري ليصرف في مصالح الْوَقْف، فعلى القول بالتبعية لا يجوز الشفعة؛ لأنَّهُ وقف، وعلى القول الثاني يصح ذلك؛ لأنَّهُ ليس كذلك.

ويرى بعض الفقهاء حقَّ الناظر في إسقاط حقِّ الْوَقْف في الشفعة في العين المشتركة وإن طلبها الموقوف عليهم على الرغم من أن الأصول العامة للشفعة تعطيه الحق في المطالبة فيها.

فجاء عن الحنفية: "وإنما تجب (الشفعة) في الأراضي التي تملك رقابها حتَّى تجب في الأراضي التي حازها الإمام للمسلمين يدفعها بزراعة، وإنما تجب لحقِّ الملك في الأراضي حتَّى لو بيعت دار بجنبها دار الْوَقْف؛ فلا شفعة للواقف ولا للمتولي لعدم الملك" (٣).

وجاء عن المالكية: "كدار موقوف نصفها على جهة وله ناظر، فإذا باع الشريك نصفه؛ فليس للناظر أخذ بالشفعة، ولو ليحبس إلا أن يجعل له الواقف الأخذ اليحبس، وإلا كان له ذلك" (٤).

ويدعم قول حقِّ الناظر أو وكيله في إسقاط الشفعة ما جاء عن في رواية عن أصبغ من قوله: "إن حبس على مساكين أو في سبيل الله؛ فله الأخذ إن جعله فيما جعله فيه، وإلا فلا شفعة إن أخذه ليمسكه" (٥).


(١) أسنى المطالب شرح روض الطالب، زكريا الأنصاري، ٢/ ٣٩٥.
(٢) المهذب البارع، الحلي، ٤/ ٢٦.
(٣) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم الحنفي، ٨/ ١٥٦.
(٤) بلغة السالك لأقرب المسالك، الصاوي، ٣/ ٤٠١.
(٥) الذخيرة، القرافي، ٧/ ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>