للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف الفقهاء في دلالة السكوت على القبول على قولين:

القول الأول: سكوت الناظر وصمته يعدُّ قبولًا للنظارة.

وبه قال الحنفية، والشافعية؛ فلو لم يتكلم الناظر، والتزم الصمت تجاه الإيجاب ممن يملك تولية الناظر، وحاول إجراء ما أُسند إليه من أعمال النظارة .. يكون قد قبل النظارة دلالة، ويكون تصرُّفه صحيحًا، يعني يكون سكوته دليلًا على الرضا.

أما لو رد الناظر النظارة بعد الإيجاب؛ فلا يبقى حكم للإيجاب، ولا تنعقد النظارة وإن قبل بعد ذلك، ما لم يجدد الإيجاب والقبول.

جاء في الفتاوى الهندية نقلًا عن الذخيرة: "قبول الوكيل ليس بشرط لصحة الوكالة، ولكن إذا ردَّ الوكيل الوكالة ترتد، وقال أبو بكر الدمياطي من الشافعية: ولا يُشترط من الوكيل القبول لفظًا، بل الشرط عدم الردِّ منه؛ فلو ردَّها - كأن قال: لا أقبل أو: لا أفعل - بَطَلت" (١).

القول الثاني: سكوت الناظر وإباؤه عن القبول لفظًا يعدُّ ردًّا للنظارة.

وإليه ذهب الحنابلة؛ فقال البهوتي: ولو أبي الوكيل أن يقبل الوكالة فكعزله نفسه؛ كالموصى له إذا لم يقبل الوصية ولم يردها؛ يُحكم عليه بالرد، وعلى قياس ذلك باقي العقود الجائزة (٢).

وهذا ما يؤخذ من عبارات المالكية؛ حيث إنهم لا يذكرون السكوت وعدم الردِّ؛ مما يدل على قبول الوكيل (٣).


(١) شرح مجلة الأحكام العدلية، علي حيدر، ٣/ ٥٢٨، المادة (١٤٥١)، والفتاوي الهندية، ٣/ ٥٦٠، وإعانة الطالبين، الدمياطي، ٣/ ١٠٠.
(٢) انظر: كشاف القناع، البهوتي، ٣/ ٤٦٢، وكشف المخدرات، البعلي، ٢/ ٤٤٧.
(٣) انظر: منح الجليل، عليش، ٦/ ٣٦٩، ومواهب الجليل، الحطاب، ٥/ ١٩٠ - ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>