للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قدامة من الحنابلة بعد أن ذكر ما تصحُّ به الوكالة: "يجوز القبول على الفور والتراخي؛ نحو أن يبلغه أن رجلًا وكلَّه في بيع شيء منذ سنة؛ فيبيعه، أو يقول: قبلت، أو يأمره بفعل شيء فيفعله بعد مدة طويلة؛ لأن قبول وكلاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لوكالته كان بفعلهم، وكان متراخيًا عن توكيله إياهم؛ ولأنه إذن في التصرُّف، والإذن قائم ما لم يرجع عنه، فأشبه الإباحة" (١).

وعند الإمامية: "يجوز مطلقًا، سواء تأخَّر عن الإيجاب، أو قارن" (٢).

وعند الزيدية: "في التراخي وجهان ... أصحهما: يصحّ، ما لم يرد" (٣).

القول الثاني: يُشترط لصحة النظارة فورية القبول، فإن وقع القبول فورًا فتصح النظارة، وإلا بَطَل الإيجاب؛ لأنه عقد في حال الحياة، فكان القبول فيه على الفور.

وإليه ذهب المالكية في قول ثانٍ، والقاضي أبو حامد المروروذي من الشافعية، والزيدية في مقابل الأصح.

فقد قال ابن عرفة وابن شاس من المالكية: "لا بدَّ في الصيغة من القبول؛ فإن وقع بالفور فواضح، وإن تأخَّر ففي لغوه قولان على الروايتين في لغو التخيير بانقضاء المجلس" (٤).

ونقل في المهذب عن القاضي أبي حامد المروروذي من الشافعية أنه قال: "لا يجوز إلا على الفور؛ لأنه عقد في حال الحياة؛ فكان القبول فيه على الفور؛ كالبيع" (٥).


(١) المغني، ابن قدامة، ٥/ ٢٠٢.
(٢) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، زين الدين الجبعي العاملي، ٥/ ١٤.
(٣) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، ٥/ ٥٥.
(٤) منح الجليل، عليش، ٦/ ٣٦٨، والبهجة في شرح التحفة، التسولي، ١/ ٣٤٨، والمهذب، الشيرازي، ١/ ٣٥٠، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، ٥/ ٥٥.
(٥) النظم المستعذب في شرح غريب المهذب بهامش المهذب في فقه الإمام الشافعي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبي، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٦ هـ/ ١٩٥٥ م، ٢/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>