للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محاسبته في العمارة أيضًا؟ فأجاب بقوله: يستحقون ما يخصُّ كلَّ يوم قرأوه بمضيه ولا يتوقف استحقاقهم لذلك على انقضاء المدة، ويجب على الناظر العمارة وإن لم يشرطها الواقف فإن تركها مع التمكن فسق وانعزل عن النظر وللمستحقين مطالبته بها ولهم أيضًا مطالبته بالحساب إذا كانوا معينين كما قاله النووي وغيره وقد صرح النووي كسريج وغيره بأن الناظر لو ادعى صرفه على المستحقين وهم معينون وأنكروا فالقول قولهم ولهم المطالبة بالحساب وبه يعلم الجواب عن جميع ما في السؤال (١).

وجاء في تنقيح الفتاوى الحامدية من كتب الحنفية: (سُئِلَ) فيما إذا تحاسب ناظر الوقف مع المستحقين على ما قبضه من غلَّة الوقف في سنة معلومة وما صرفه في مصارف الوقف الضرورية وما خص كل واحد منهم من فاضل الغلَّة وصدق كل منهم على ذلك وكتب كل منهم وصولا بذلك فهل يعمل بما ذكر من المحاسبة والصرف والتصديق بعد ثبوته شرعًا وليس لهم نقض المحاسبة بدون وجه شرعي؟ (الجواب): نعم وقد أفتى بذلك الشيخ إسماعيل أيضًا (٢).

وعند المالكية ليس للموقوف عليهم محاسبة الناظر؛ لأنه وكيل الواقف أو القاضي، قال ابن عرفة: "لو قدم المحبس من رأى لذلك أهلًا فله عزله واستبداله" (٣).

والأصل عند الحنابلة التفريق بين الناظر المتبرع؛ فيصدق في كلِّ ما يدعيه، وإلا لا بدَّ من البينة، فيُقبل قول الناظر المتبرع في دفع المستحق، وإن لم يكن متبرعًا لم يقبل قوله إلا ببينة ونحوه كشراء طعام أو شراب شرطه الواقف؛ لأن الناظر هو الذي يلي الوقف، وحفظه، وحفظ ريعه، وتنفيذ شرط واقفه وطلب الحظّ فيه مطلوب شرعًا فكان ذلك إلى الناظر (٤).


(١) انظر: الفتاوى الفقهية الكبرى، ابن حجر الهيتمي، ٣/ ٢٧٠.
(٢) انظر: العقود الدرية، ابن عابدين، ١/ ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٣) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، الحطاب، ٦/ ٣٩.
(٤) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، ٤/ ٢٦٩، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، الرحيباني، ٤/ ٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>