للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ اخْتَارَ الْبَيْعَ كَانَتْ تِلْكَ الْحَيْضَةُ اسْتِبْرَاءً لِأَنَّهُ تَامُّ الْمِلْكِ فِيهَا قَابِضٌ لَهَا لَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ وَهَبَهَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهَا تَامٌّ.

وَلَوْ بَيْعُ جَارِيَةٍ مَعِيبَةٍ دَلَّسَ لَهُ فِيهَا بِعَيْبٍ وَظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَاخْتَارَ أَنْ يُمْسِكَهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ تَامٌّ إلَّا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ إنْ شَاءَ رَدَّ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ مَاتَتْ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَاتَتْ مِنْهُ.

وَلِلرَّجُلِ إذَا اشْتَرَى الْجَارِيَةَ أَيَّ جَارِيَةٍ مَا كَانَتْ أَنْ لَا يَدْفَعَ عَنْهَا وَأَنْ يُقْبِضَهُ إيَّاهَا بَائِعُهَا وَلَيْسَ لِبَائِعِهَا مَنْعُهُ إيَّاهَا لِيَسْتَبْرِئَهَا عِنْدَ نَفْسِهِ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا مُوَاضَعَتِهِ إيَّاهَا عَلَى يَدَيْ أَحَدٍ لِيَسْتَبْرِئَهَا بِحَالٍ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ عَنْهُ ثَمَنَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَلَا يَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ فَيَسْتَبْرِئَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ غَرِيبًا يَخْرُجُ مِنْ سَاعَتِهِ أَوْ مُقِيمًا أَوْ مُعْدِمًا أَوْ مَلِيئًا أَوْ صَالِحًا أَوْ رَجُلَ سَوْءٍ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِحَمِيلٍ بِعُهْدَةٍ وَلَا بِوَجْهٍ وَلَا ثَمَنِ وَمَالِهِ حَيْثُ وَضَعَهُ وَإِنَّمَا التَّحَفُّظُ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِذَا جَازَ الشِّرَاءُ أَلْزَمْنَاهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ الْحَقِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ شَيْئًا وَهُوَ غَرِيبٌ أَوْ أَهْلٌ فَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مَسْرُوقًا أَوْ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبْدَيْنِ حُرًّا كَانَ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ مَالُهُ حَيْثُ وَضَعَهُ.

وَلَوْ أَعْطَيْنَاهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ كَفِيلًا أَوْ يَحْبِسَ لَهُ الْبَائِعُ عَنْ سَفَرِهِ أَعْطَيْنَاهُ ذَلِكَ فِي خَوْفِ أَنْ يَكُونَ مَسْرُوقًا أَوْ مَعِيبًا عَيْبًا خَافِيًا مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ إبَاقٍ ثُمَّ لَمْ نَجْعَلْ لِهَذَا غَايَةً أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِي الْقَرِيبِ وَيُعْلَمُ فِي الْبَعِيدِ وَبُيُوعُ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةُ بَيْنَهُمْ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي إذَا سَلَّمَ هَذَا سِلْعَتَهُ أَنْ يَكُونَ قَابِضًا لِثَمَنِهَا وَأَنْ لَا يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي هُوَ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ وَلَا السِّلْعَةُ مَحْبُوسِينَ إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مِنْ جَارِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مَحْبُوسًا عَنْ مَالِكِهَا وَلَوْ جَازَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً أَنْ تُوضَعَ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَسْتَبْرِئُهَا كَانَ فِي هَذَا خِلَافُ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ وَالسُّنَّةِ وَظُلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِالْمِلْكِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ الْحَادِثِ فَلَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى إخْرَاجِ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إلَّا بِأَنْ تَحِيضَ الْجَارِيَةُ حَيْضَةً وَتَطْهُرَ مِنْهَا كَانَ هَذَا فَاسِدًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ نَهَوْا أَنْ تَكُونَ الْأَثْمَانُ الْمُسْتَأْخِرَةُ إلَّا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ قَدْ تَكُونُ بَعْدَ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فِي خَمْسٍ وَفِي شَهْرٍ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ وَكَانَ فَاسِدًا مَعَ فَسَادِهِ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ السِّلْعَةِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ لَا مُشْتَرَاةً إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِصِفَةٍ فَتَكُونُ تُوجَدُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيُؤْخَذُ بِهَا بَائِعُهَا وَلَا مُشْتَرَاةً بِغَيْرِ تَسَلُّطِ مُشْتَرِيهَا عَلَى قَبْضِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَهَذَا لَا بَيْعَ أَجَلٍ بِصِفَةٍ وَلَا عَيْنٍ بِعَيْنِهِ يُقْبَضُ وَخَارِجٌ مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَبَايَعَا جَارِيَةً وَتَشَارَطَا فِي عَقَدَ الْبَيْعِ أَنْ لَا يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى تُسْتَبْرَأَ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا.

وَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ مِنْ قِبَلِ مَا وَصَفْت وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُهَا وَاسْتِبْرَاؤُهَا عِنْدَ نَفْسِهِ أَوْ عِنْدَ مَنْ شَاءَ.

وَإِذَا قَبَضَهَا فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْتَبْرَأَ فَإِنْ مَاتَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ مَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَامِلًا وَغَيْرَ حَامِلٍ.

وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَتَرَاضَيَا أَنْ يَتَوَاضَعَاهَا عَلَى يَدَيْ مَنْ يَسْتَبْرِئُهَا فَمَاتَتْ أَوْ عَمِيَتْ عِنْدَ الْمُسْتَبْرِئِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهَا ثُمَّ رَضِيَ بَعْدَ قَبْضِهَا بِمُوَاضَعَتِهَا فَهِيَ مِنْ مَالِهِ وَإِنَّمَا هِيَ جَارِيَةٌ قَدْ قَبَضَهَا ثُمَّ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ فَمَوْتُهَا فِي يَدَيْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ هُوَ وَضَعَهَا كَمَوْتِهَا فِي يَدَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى تَوَاضَعَاهَا بِرِضًا مِنْهُمَا عَلَى يَدَيْ مِنْ يَسْتَبْرِئُهَا فَمَاتَتْ أَوْ عَمِيَتْ مَاتَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ مُشْتَرِيه وَإِذَا عَمِيَتْ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْت فَخُذْهَا مَعِيبَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَا يُوضَعُ عَنْك

<<  <  ج: ص:  >  >>