هُزَالًا. قَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَ أَمَةً فَيَمْنَعَ وَلَدَهَا إلَّا يَكُونُ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ رِيِّهِ أَوْ يَكُونُ وَلَدُهَا يَغْتَذِي بِالطَّعَامِ فَيُقِيمُ بَدَنَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْثِرَ وَلَدَهُ بِاللَّبَنِ إنْ اخْتَارَهُ عَلَى الطَّعَامِ قَالَ وَفِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ وَالزَّوْجَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَاتِ مِمَّا يَلْزَمُ.
الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلُنَا فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ سِرًّا وَمُكَابَرَةً إنْ غَصَبَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَوَجَدَ مِثْلَهُ أَخَذَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِثْلَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ عَرْضِهِ شَيْئًا فَيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَمْ يَرْضَ بِأَنَّ يَبِيعَ مَالَهُ فَلَا يَنْبَغِي لِهَذَا أَنْ يَكُونَ أَمِينَ نَفْسِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَرَأَيْت لَوْ عَارَضَك مُعَارِضٌ بِمِثْلِ حُجَّتِك فَقَالَ هُوَ إذَا غَصَبَهُ دَرَاهِمَ فَاسْتَهْلَكَهَا فَأَمَرْته أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ غَيْرَهَا وَإِنَّمَا جَعَلْت هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بَدَلًا مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَهُ سُودًا لَمْ تَأْمُرْهُ أَنْ يَأْخُذَ وَضَحًا لِأَنَّ الْوَضَحَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ السُّودِ فَقَدْ جَعَلْت لَهُ الْبَدَلَ بِالْقِيمَةِ وَالْقِيمَةُ بَيْعٌ فَإِنْ قَالَ هَذِهِ دَرَاهِمُ مِثْلُ الْقِيمَةِ قُلْنَا وَمَا مِثْلُ؟ قَالَ لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِ قُلْنَا فَإِنْ كُنْت مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَجَزْته فَقُلْ لَهُ يَأْخُذُ مَكَانَ السُّودِ وَضَحًا وَهِيَ لَا يَحِلُّ الْفَضْلُ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ قَالَ لَا لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْفَضْلُ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِ فَهِيَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الدَّنَانِيرِ قُلْنَا فَحُجَّتُك لِأَنَّ الْفَضْلَ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لَا يَحِلُّ كَانَتْ خَطَأً لِأَنَّهُ إنَّمَا صُرَّتْ إلَى أَنْ تُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَهَذَا بَيْعٌ فَكَيْفَ لَمْ تَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ دَنَانِيرَ بِقِيمَةِ الدَّرَاهِمِ وَإِنَّمَا إلَى الْقِيمَةِ ذَهَبَتْ وَكَيْفَ لَمْ تُجِزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ عَرْضِهِ فَيَأْخُذَ مِثْلَ دَرَاهِمِهِ وَالْعَرْضُ يَحِلُّ بِالدَّرَاهِمِ وَفِيهِ تَغَابُنٌ فَمَا حُجَّتُك عَلَى أَحَدٍ إنْ عَارَضَك بِمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ؟ فَقَالَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا أُخِذَ مِنْهُ لِأَنَّك تَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ غَيْرَ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بَدَلًا وَالْبَدَلُ بِقِيمَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكُونَ أَمِينَ نَفْسِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ وَأَنْتَ تَقُولُ فِي أَكْثَرِ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ أَمِينَ نَفْسِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قُلْت أَقُولُ: إنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ إجْمَاعَ أَكْثَرِ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى أَحَدٍ مَنَعَهُ إيَّاهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا أَدْخُلَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى هِنْدَ مِمَّا أَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَخْذِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْهُ ذَهَبًا وَفِضَّةً لَا طَعَامًا وَيَحْتَمِلُ لَوْ كَانَ طَعَامًا أَنْ يَكُونَ أَرْفَعَ مِمَّا يُفْرَضُ لَهَا وَبَيَّنَ أَنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ بِالْمَعْرُوفِ مِثْلَ مَا كَانَ فَارِضًا لَهَا لَا أَرْفَعَ وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ لَوْ كَانَ مِثْلَ مَا يُفْرَضُ لَهَا لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ إنَّمَا أَخَذَتْهُ بَدَلًا مِمَّا يَفْرِضُ لَهَا مِثْلَهُ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لِأَبِي سُفْيَانَ حَبْسُ ذَلِكَ الطَّعَامِ عَنْهَا وَإِعْطَاؤُهَا غَيْرَهُ لِأَنَّ حَقَّهَا لَيْسَ فِي طَعَامٍ بِعَيْنِهِ إنَّمَا هُوَ طَعَامٌ نِصْفُهُ كَطَعَامِ النَّاسِ وَأُدُمٌ كَأُدُمِ النَّاسِ لَا فِي أَرْفَعِ الطَّعَامِ بِعَيْنِهِ وَلَا الْآدَمِ وَلَا فِي شَرِّهِمَا وَهِيَ إذَا أَخَذَتْ مِنْ هَذَا فَإِنَّمَا تَأْخُذُ بَدْلًا مِمَّا يَجِبُ لَهَا وَلِوَلَدِهَا وَالْبَدَلُ هُوَ الْقِيمَةُ وَالْقِيمَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيْعِ وَهِيَ إذَا أَخَذَتْ لِنَفْسِهَا وَوَلَدِهَا فَقَدْ جَعَلَهَا أَمِينَ نَفْسِهَا وَوَلَدِهَا وَأَبَاحَ لَهَا أَخْذَ حَقِّهَا وَحَقِّهِمْ سِرًّا مِنْ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ مَالِكُ الْمَالِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ أَمَّا فِي هَذَا مَا دَلَّكَ عَلَى أَنْ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ مَا كَانَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ وَمِثْلَ مَا كَانَ عَلَى السُّلْطَانِ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهِ قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت لَهُ أَرَأَيْتَ السُّلْطَانَ لَوْ لَمْ يَجِدْ لِلْمُغْتَصَبِ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا أَلَيْسَ يَقْضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِأَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا؟ قَالَ بَلَى قُلْت إنْ لَمْ يُعْطِهِ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا بَاعَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute