للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّافِعِيُّ) وَمَعْنَى لَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُ يَعْنِي بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَّا مَا يُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ لَيْسَ مَا يُطِيقُهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجِزُ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ الْجَلْدَ وَالْأَمَةَ الْجَلْدَةَ قَدْ يَقْوَيَانِ عَلَى أَنْ يَمْشِيَا لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَا وَعَامَّةَ يَوْمٍ، ثُمَّ يَعْجِزَانِ عَنْ ذَلِكَ وَيَقْوَيَانِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَا يَنَامَانِ فِيهِمَا ثُمَّ يَعْجِزَانِ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ وَاَلَّذِي يَلْزَمُ الْمَمْلُوكَ لِسَيِّدِهِ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الدَّوَامِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا فَيَمْشِي الْعَقَبَةَ وَرُكُوبُ الْأُخْرَى وَالنَّوْمُ إنْ قَدَرَ رَاكِبًا نَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّوْمِ رَاكِبًا نَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَنْزِلِ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ بِاللَّيْلِ تَرَكْنَاهُ بِالنَّهَارِ لِلرَّاحَةِ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ بِالنَّهَارِ تَرَكْنَاهُ بِاللَّيْلِ لِلرَّاحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الشِّتَاءِ عَمِلَ فِي السَّحَرِ وَمِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ فِي صَيْفٍ يَعْمَلُ تُرِكَ فِي الْقَائِلَةِ. وَوَجْهُ هَذَا كُلِّهِ فِي الْمَمْلُوكِ وَالْمَمْلُوكَةِ مَا لَا يَضُرُّ بِأَبْدَانِهِمَا الضَّرَرَ الْبَيِّنَ وَمَا يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّهُمَا يُطِيقَانِ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَتَى مَرِضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِي الْمَرَضِ لَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ إنْ كَانَ لَا يُطِيقُ الْعَمَلَ وَإِنْ عَمِيَ أَوْ زَمِنَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ يُعْتِقُهُ فَإِذَا أَعْتَقَهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأُمُّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَتَخْدُمُهُ وَتَعْمَلُ لَهُ مَا تُحْسِنُ وَتُطِيقُ بِالْمَعْرُوفِ فِي مَنْزِلِهِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمَمْلُوكَةُ تَعْمَلُ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ كَمَا وَصَفْنَا مِنْ الْمَمْلُوكَةِ غَيْرِ الْمُدَبَّرَةِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمَعْرُوفُ مَا وَصَفْت وَأَيُّ مَمْلُوكٍ صَارَ إلَى أَنْ لَا يُطِيقَ الْعَمَلَ لَمْ يُكَلِّفْهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَرَضَاعُ الْمَمْلُوكِ الصَّغِيرِ يَلْزَمُ مَوْلَاهُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُكَاتَبَةُ مُخَالِفَانِ لِمَنْ سِوَاهُمَا لَا يَلْزَمُ مَوْلَاهُمَا نَفَقَةً فِي مَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ مَرِضَا وَعَجَزَا عَنْ نَفَقَةِ أَنْفُسِهِمَا قِيلَ لَهُمَا لَكُمَا شَرْطًا كَمَا فِي الْكِتَابَةِ فَأَنْفِقَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا فَإِنْ زَعَمْتُمَا أَنَّكُمَا عَاجِزَانِ عَنْ تَأْدِيَةِ الْكِتَابَةِ أَبْطَلْنَا كِتَابَتَكُمَا وَرَدَدْنَاكُمَا رَقِيقًا كَمَا نُبْطِلُهَا إذَا عَجَزْتُمَا عَنْ تَأْدِيَةِ أَرْشِ جِنَايَتِكُمَا قَالَ وَإِذَا كَانَ لَهُمَا إذَا هُمَا عَجَزَا أَنْ يَقُولَا لَا نَجِدُ فَيُرَدَّانِ رَقِيقِينَ كَانَ لَهُمَا فِي الْمَرَضِ مَا وَصَفْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ فَسْخَ الْكِتَابَةِ إلَيْهِمَا دُونَ مَنْ كَاتَبَهُمَا قَالَ وَلَوْ كَانَا اثْنَيْنِ فَعَجَزَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ فَقَالَ قَدْ عَجَزْت بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَكَانَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ عَنْ الْكِتَابَةِ مُكَاتَبًا وَيَرْفَعُ عَنْهُ حِصَّةَ الْعَاجِزِ مِنْ الْكِتَابَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُنْفِقُ الرَّجُلُ عَلَى مَمَالِيكِهِ الصِّغَارِ وَإِنْ لَمْ يَنْفَعُوهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ وَلَدِهِ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ كَمَا يُنْفِقُ عَلَى رَقِيقِهِ حَتَّى يُعْتَقُوا بِعِتْقِ أُمِّهِمْ، قَالَ وَإِذَا ضَرَبَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ خَرَاجًا فَقَالَ الْعَبْدُ لَا أُطِيقُهُ. قِيلَ لَهُ أَجِّرْهُ مِمَّنْ شِئْت وَاجْعَلْ لَهُ نَفَقَتَهُ وَكِسْوَتَهُ وَلَا يُكَلَّفُ خَرَاجًا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَكَذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا خَرَاجًا إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي عَمَلٍ وَأُحِبُّ أَنْ يَمْنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَخْذِ الْخَرَاجِ مِنْ الْأَمَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي عَمَلٍ وَأُحِبُّ كَذَلِكَ يَمْنَعُهُ الْخَرَاجَ مِنْ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ يُطِيقُ الْكَسْبَ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: " وَلَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهُ الْكَسْبَ سَرَقَ وَلَا تُكَلِّفُوا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا الْكَسْبَ كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا ".

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَتْ لِرَجُلٍ دَابَّةٌ فِي الْمِصْرِ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَعِيرٌ عَلَفَهُ مَا يُقِيمُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ بِعَلَفِهِ أَوْ بِبَيْعِهِ فَإِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ فَاُتُّخِذَتْ الْغَنَمُ أَوْ الْإِبِلُ أَوْ الْبَقَرُ عَلَى الْمَرْعَى فَخَلَّاهَا وَالرَّعْيَ وَلَمْ يَحْبِسْهَا فَأَجْدَبَتْ الْأَرْضُ فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ عَلَفَهَا أَوْ ذَبَحَهَا أَوْ بَاعَهَا وَلَا يَحْبِسْهَا فَتَمُوتَ هُزَالًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ مُتَعَلِّقٌ وَيُجْبَرُ عِنْدِي عَلَى بَيْعِهَا أَوْ ذَبْحِهَا أَوْ عَلْفِهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مُتَعَلِّقٌ لَمْ يُجْبَرْ عِنْدِي عَلَى بَيْعِهَا وَلَا ذِبْحِهَا وَلَا عَلْفِهَا لِأَنَّهَا عَلَى مَا فِي الْأَرْضِ تُتَّخَذُ وَلَيْسَتْ كَالدَّوَابِّ الَّتِي لَا تَرْعَى وَالْأَرْضُ مُخْصِبَةٌ إلَّا رَعْيًا ضَعِيفًا وَلَا تَقُومُ لِلْجَدْبِ قِيَامَ الرَّوَاعِي (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا تُحْلَبُ أُمَّهَاتُ النَّسْلِ إلَّا فَضْلًا عَمَّا يُقِيمُ أَوْلَادَهُنَّ، وَلَا يَحْلُبُهَا وَيَتْرُكُهُنَّ يَمُتْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>