فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَفِي حُكْمِ اللِّعَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَائِلُ وَاضِحَةٌ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَنْتَدِبُوا بِمَعْرِفَتِهِ ثُمَّ يَتَحَرَّوْا أَحْكَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِهِ عَلَى أَمْثَالِهِ فَهُوَ دُونَ الْفَرْضِ وَتَنْتَفِي عَنْهُمْ الشُّبَهُ الَّتِي عَارَضَ بِهَا مَنْ جَهِلَ لِسَانَ الْعَرَبِ وَبَعْضَ السُّنَنِ وَغَبِيَ عَنْ مَوْضِعِ الْحُجَّةِ مِنْهَا «أَنَّ عُوَيْمِرًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسَائِلَ». وَذَلِكَ أَنَّ عُوَيْمِرًا لَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَانَتْ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَعْنَاهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} إلَى قَوْلِهِ {بِهَا كَافِرِينَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): كَانَتْ الْمَسَائِلُ فِيهَا فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ إذَا كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ بِمَكْرُوهٍ لِمَا ذَكَرْت مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِ فِيمَا فِي مَعْنَاهُ وَفِي مَعْنَاهُ كَرَاهِيَةُ لَكُمْ أَنْ تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يُحَرَّمْ فَإِنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرُمَ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ تَحْرِيمَهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ يَنْسَخَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةً لِسُنَّةٍ.
وَفِيهِ دَلَائِلُ عَلَى أَنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَامٌ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِمَا وَصَفْت وَغَيْرَهُ مِنْ افْتِرَاضِ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَتَهُ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَمَا جَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا قَدْ وَصَفْته فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَرَدَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَانَتْ حُكْمًا وَقَفَ عَنْ جَوَابِهَا حَتَّى أَتَاهُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحُكْمُ فِيهَا «فَقَالَ لِعُوَيْمِرٍ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيك وَفِي صَاحِبَتِك» فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي اللِّعَانِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَنَفَاهُ عَنْ الْأَبِ وَقَالَ لَهُ «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» وَلَمْ يَرْدُدْ الصَّدَاقَ عَلَى الزَّوْجِ فَكَانَتْ هَذِهِ أَحْكَامًا وَجَبَتْ بِاللِّعَانِ لَيْسَتْ بِاللِّعَانِ بِعَيْنِهِ فَالْقَوْلُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنِّي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَرْضَى دِينَهُ وَعَقْلَهُ وَعِلْمَهُ يَقُولُ إنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا وَلَا غَيْرِهَا إلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: فَأَمْرُ اللَّهِ إيَّاهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَحْيٌ يُنْزِلُهُ فَيُتْلَى عَلَى النَّاسِ وَالثَّانِي رِسَالَةٌ تَأْتِيه عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ افْعَلْ كَذَا فَيَفْعَلَهُ وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ يَقُولَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} فَيَذْهَبَ إلَى أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ مَا يُتْلَى عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالْحِكْمَةَ هِيَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّسَالَةُ عَنْ اللَّهِ مِمَّا بَيَّنَتْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي الزَّانِي بِامْرَأَةِ الرَّجُلِ الَّذِي صَالَحَهُ عَلَى الْغَنَمِ وَالْخَادِمِ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ أَمَا إنَّ الْغَنَمَ وَالْخَادِمَ رَدَّ عَلَيْك وَإِنَّ امْرَأَتَهُ تُرْجَمُ إذَا اعْتَرَفَتْ» وَجَلَدَ ابْنَ الرَّجُلِ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَلَعَلَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ إذَا انْتَظَرَ الْوَحْيَ فِي قَضِيَّةٍ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهَا انْتَظَرَهُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ وَإِذَا كَانَتْ قَضِيَّةٌ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَمَا أُنْزِلَ فِي حَدِّ الزَّانِي وَقَضَاهَا عَلَى مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute