وَأُمُّ عِيَالٍ قَدْ شَهِدْت تَقُوتُهُمْ … إذَا احترتهم أَقْفَرَتْ وَأَقَلَّتْ
تَخَالَفَ عَلَيْنَا الْجُوعُ إنْ هِيَ أَكْثَرَتْ … وَنَحْنُ جِيَاعٌ أَيْ أَوَّل تَأَلَّتْ
وَمَا إنْ بِهَا ضَنٌّ بِمَا فِي وِعَائِهَا … وَلَكِنَّهَا مِنْ خَشْيَةِ الْجُوعِ أَبْقَتْ
قُلْت: الرَّجُلُ يُسَمَّى أُمًّا وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ لِلنَّاقَةِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ وَالْأَرْضِ هَذِهِ أُمُّ عِيَالِنَا عَلَى مَعْنَى الَّتِي تَقُوتُ عِيَالَنَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ} يَعْنِي أَنَّ اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ بِكُلِّ حَالٍ الْوَارِثَاتُ وَالْمَوْرُوثَاتُ الْمُحَرَّمَاتُ بِأَنْفُسِهِنَّ وَالْمُحَرَّمُ بِهِنَّ غَيْرُهُنَّ اللَّائِي لَمْ يَكُنْ قَطُّ إلَّا أُمَّهَاتٍ لَيْسَ اللَّائِي يُحْدِثْنَ رَضَاعًا لِلْمَوْلُودِ فَيَكُنَّ بِهِ أُمَّهَاتٍ وَقَدْ كُنَّ قَبْلَ إرْضَاعِهِ غَيْرَ أُمَّهَاتٍ لَهُ وَلَا أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً يَحْرُمْنَ بِحُرْمَةٍ أَحْدَثْنَهَا أَوْ يُحْدِثُهَا الرَّجُلُ أَوْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّائِي حُرِّمْنَ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَحْرُمْنَ بِشَيْءٍ يُحْدِثُهُ رَجُلٌ يُحَرِّمُهُنَّ أَوْ يُحْدِثْنَهُ أَوْ حَرَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأُمُّ تُحَرِّمُ نَفْسَهَا وَتَرِثُ وَتُورَثُ فَيَحْرُمُ بِهَا غَيْرُهَا فَأَرَادَ بِهَا الْأُمَّ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهَا لَا فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ كَمَا وَصَفْنَا مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأُمِّ غَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَشْبَاهٍ لَهُ مِنْ الْقُرْآنِ جَهِلَهَا مَنْ قَصَرَ عِلْمُهُ بِاللِّسَانِ وَالْفِقْهِ فَأَمَّا مَا سِوَى مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا لِلنَّاسِ وَمَنْ اتَّهَبَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَمِنْ أَنْ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُهُمْ لَا يَحْلُلْنَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ وَمَا فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ مِنْ الْحُكْمِ بَيْنَ الْأَزْوَاجِ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُنَّ وَيَحْرُمُ بِالْحَادِثِ وَلَا يَعْلَمُ حَالَ النَّاسِ يُخَالِفُ حَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُقَسِّمُ لِنِسَائِهِ فَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ وَهَذَا لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَزْوَاجٌ مِنْ النَّاسِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّهُ أَرَادَ فِرَاقَ سَوْدَةَ فَقَالَتْ لَا تُفَارِقْنِي وَدَعْنِي حَتَّى يَحْشُرَنِي اللَّهُ فِي أَزْوَاجِك وَأَنَا أَهَبُ لَيْلَتِي وَيَوْمِي لِأُخْتِي عَائِشَةَ» (قَالَ): وَقَدْ فَعَلَتْ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ شَبِيهًا بِهَذَا حِينَ أَرَادَ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا وَنَزَلَ فِيهَا ذِكْرٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي ذَلِكَ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} إلَى " صُلْحًا " (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا مَوْضُوعٌ فِي مَوْضِعِهِ بِحُجَجِهِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ «عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَتْ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَك فِي أُخْتِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ قَالَتْ تَنْكِحُهَا قَالَ أُخْتُك قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ نَعَمْ لَسْت لَك بِمُخَلِّيَةٍ وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي قَالَ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي فَقُلْت وَاَللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْت أَنَّك تَخْطُبُ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ ابْنَةُ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَوَاَللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْنِي وَإِيَّاهَا ثُوَيْبَةُ فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكُلُّ مَا وَصَفْت لَك مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَ لَهُ دُونَ النَّاسِ وَبَيَّنَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِهِ أَوْ أَمْرٍ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute