الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقُولُوا اجْتَمَعَ النَّاسُ إلَّا لِمَا إذَا لُقِيَ أَهْلُ الْعِلْمِ فَقِيلَ لَهُمْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مَا قُلْتُمْ إنَّهُمْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ قَالُوا: نَعَمْ وَكَانَ أَقَلُّ أَقْوَالِهِمْ لَك أَنْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ مُخَالِفًا فِيمَا قُلْتُمْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَأَمَّا أَنْ تَقُولُوا: اجْتَمَعَ النَّاسُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ مَعَكُمْ يَقُولُونَ: مَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَأَمْرَانِ أَسَأْتُمْ بِهِمَا النَّظَرَ لِأَنْفُسِكُمْ فِي التَّحَفُّظِ فِي الْحَدِيثِ وَأَنْ تَجْعَلُوا السَّبِيلَ لِمَنْ سَمِعَ قَوْلَكُمْ اجْتَمَعَ النَّاسُ إلَى رَدِّ قَوْلِكُمْ وَلَا سِيَّمَا إذَا كُنْتُمْ إنَّمَا أَنْتُمْ مَقْصُورُونَ عَلَى عِلْمِ مَالِكٍ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ وَكُنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ يَأْمُرُ الْقُرَّاءَ أَنْ يَسْجُدُوا فِيهَا وَأَنْتُمْ قَدْ تَجْعَلُونَ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ الْعِلْمِ فَتَقُولُونَ: كَانَ لَا يُحَلِّفُ الرَّجُلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ فَتَرَكْتُمْ بِهَا قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ عُمَرَ، ثُمَّ تَجِدُونَ عُمَرَ يَأْمُرُ بِالسُّجُودِ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وَمَعَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْيُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ تُسَمُّوا أَحَدًا خَالَفَ هَذَا وَهَذَا عِنْدَكُمْ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَمَانِهِ، ثُمَّ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي الصَّحَابَةِ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي التَّابِعِينَ وَالْعَمَلُ يَكُونُ عِنْدَكُمْ بِقَوْلِ عُمَرَ وَحْدَهُ وَأَقَلُّ مَا يُؤْخَذُ عَلَيْكُمْ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ كَيْفَ زَعَمْتُمْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَجَدَ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وَأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَجَدَ فِي النَّجْمِ، ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ وَهَذَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ فَقَالَ: قَوْلُكُمْ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِمَا حَكَوْا فِيهِ غَيْرَ مَا قُلْتُمْ بَيِّنٌ فِي قَوْلِكُمْ أَنْ لَيْسَ كَمَا قُلْتُمْ، ثُمَّ رَوَيْتُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَجَدَ فِي النَّجْمِ، ثُمَّ لَا تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافَهُ، ثُمَّ رَوَيْتُمْ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا سَجَدَا فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ وَتَقُولُونَ لَيْسَ فِيهَا إلَّا وَاحِدَةٌ وَتَزْعُمُونَ أَنَّ النَّاسَ أَجْمَعُوا أَنْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا وَاحِدَةٌ، ثُمَّ تَقُولُونَ أَجْمَعَ النَّاسُ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ خِلَافَ مَا تَقُولُونَ وَهَذَا لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِأَنْ يَجْهَلَهُ وَلَا يَرْضَى أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا عَلَيْهِ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَنْ أَحَدٍ يَعْقِلُ إذَا سَمِعَهُ أَرَأَيْتُمْ إذَا قِيلَ لَكُمْ أَيُّ النَّاسِ اجْتَمَعَ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ أَئِمَّةِ النَّاسِ السُّجُودَ فِيهِ وَلَا تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِثْلَهُمْ خِلَافَهُمْ أَلَيْسَ أَنْ تَقُولُوا أَجْمَعَ النَّاسُ أَنَّ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودًا، أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْ تَقُولُوا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ نَعْلَمْهُمْ أَجْمَعُوا أَنْ نَقُولَ اجْتَمَعُوا فَقَدْ قُلْتُمْ اجْتَمَعُوا وَلَمْ تَرْوُوا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ قَوْلَكُمْ وَلَا أَدْرِي مَنْ النَّاسُ عِنْدَكُمْ أَخَلْقًا كَانُوا فَمَا اسْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَمَا ذَهَبْنَا بِالْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ إلَّا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا جَعَلْنَا الْإِجْمَاعَ إلَّا إجْمَاعَهُمْ فَأُحْسِنُوا النَّظَرَ لِأَنْفُسِكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولُوا أَجْمَعَ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ مُخَالِفٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَكِنْ قُولُوا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ أَخْبَرَنَا كَذَا كَذَا وَلَا تَدَّعُوا الْإِجْمَاعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute