للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَعُوا مَا يُوجَدُ عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ خِلَافُهُ فَمَا أَعْلَمُهُ يُؤْخَذُ عَلَى أَحَدٍ يَتَثَبَّتُ عَلَى عِلْمٍ أَقْبَحَ مِنْ هَذَا.

(قُلْت) لِلشَّافِعِيِّ أَفَرَأَيْت إنْ كَانَ قَوْلِي اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ أَعْنِي مَنْ رَضِيت مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَرَأَيْتُمْ إنْ قَالَ مَنْ يُخَالِفُكُمْ وَيَذْهَبُ إلَى قَوْلِ مَنْ يُخَالِفُكُمْ قَوْلُ مَنْ أَخَذْت بِقَوْلِهِ اجْتَمَعَ النَّاسُ أَيَكُونُ صَادِقًا؟ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ يُخَالِفُكُمَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ مَعًا بِالتَّأْوِيلِ فَبِالْمَدِينَةِ إجْمَاعٌ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ قُلْتُمْ الْإِجْمَاعُ هُوَ ضِدُّ الْخِلَافِ فَلَا يُقَالُ إجْمَاعٌ إلَّا لِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ.

قُلْت هَذَا هُوَ الصِّدْقُ الْمَحْضُ فَلَا تُفَارِقْهُ وَلَا تَدَّعُوا الْإِجْمَاعَ أَبَدًا إلَّا فِيمَا لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَهُوَ لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ إلَّا وَيُوجَدُ بِجَمِيعِ الْبُلْدَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَّفِقِينَ فِيهِ لَمْ يُخَالِفْ أَهْلُ الْبُلْدَانِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إلَّا فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَيْنَهُمْ.

(وَقَالَ لِي الشَّافِعِيُّ) وَاجْعَلْ مَا وَصَفْنَا عَلَى هَذَا الْبَابِ كَافِيًا لَك لَا عَلَى مَا سِوَاهُ إذَا أَرَدْت أَنْ تَقُولَ أَجْمَعَ النَّاسُ فَإِنْ كَانُوا لَمْ يَخْتَلِفُوا فَقُلْهُ وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فَلَا تَقُلْهُ فَإِنَّ الصِّدْقَ فِي غَيْرِهِ.

(وَتَرْجَمَ مَرَّةً أُخْرَى فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ) وَفِيهَا سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ السُّجُودِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ فَقَالَ: فِيهَا سَجْدَتَانِ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَجَدَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ابْنِ صَفِيَّةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِهِمْ بِالْجَابِيَةِ فَقَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ فَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا لَا نَسْجُدُ فِيهَا إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ خَالَفْتُمْ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَعًا إلَى غَيْرِ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَّةً فَكَيْفَ تَتَّخِذُونَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ وَحْدَهُ حُجَّةً وَقَوْلَ عُمَرَ حُجَّةً وَحْدَهُ حَتَّى تَرُدُّوا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّنَّةَ، وَتَبْتَنُونَ عَلَيْهَا عَدَدًا مِنْ الْفِقْهِ، ثُمَّ تَخْرُجُونَ مِنْ قَوْلِهِمَا لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ هَلْ تَعْلَمُونَهُ مُسْتَدْرِكًا عَلَى أَحَدٍ قَوْلًا الْعَوْرَةُ فِيهِ أَبْيَنُ مِنْهَا فِيمَا وَصَفْنَا مِنْ أَقَاوِيلِكُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>