خَاصَّةً لَمْ نَصْرِفْهَا إلَى قِيَاسٍ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا مِنْ الْعَدَدِ إلَّا أَرْبَعًا تَكُونُ كُلُّ ثِنْتَيْنِ مَكَانَ شَاهِدٍ؟ قَالَ فَإِنَّا رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ، وَحْدَهَا قُلْت لَوْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صِرْنَا إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَكُمْ، وَلَا عِنْدَنَا عَنْهُ، وَهَذَا لَا مِنْ جِهَةِ مَا قُلْنَا مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ قَبُولِ خَبَرِ الْمَرْأَةِ، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ مَعْنًى
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ بَيْعًا مَا كَانَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ أَوْ الْبَائِعُ خِيَارًا لِغَيْرِهِ، وَقَبَضَ الْمُبْتَاعُ السِّلْعَةَ فَهَلَكَتْ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ رِضَا الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا مَا بَلَغَتْ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ قَطُّ فِيهَا، وَأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ رَدُّهَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ شَيْءٍ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَتَلِفَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ فَالْقِيمَةُ تَقُومُ فِي الْفَائِتِ مَقَامَ الْبَدَلِ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقِيَاسِ وَالْأَثَرِ، وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ مَنْ ابْتَاعَ بَيْعًا، وَقَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَتَلِفَ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ أَمِينٌ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ، وَإِلَى أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِكَمَالِ الْبَيْعِ فَجَعَلَهُ فِي مَوْضِعِ الْأَمَانَةِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ مَوْضِعِ الضَّمَانِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ، وَيَقْبِضُهُ ثُمَّ يَتْلَفُ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ، وَقَدْ سَلَّطَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْقَبْضِ بِأَمْرٍ لَا يُوجِبُ لَهُ الثَّمَنَ، وَمِنْ حُكْمِهِ، وَحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ ثَمَنٍ أَبَدًا فَإِذَا زَعَمَ أَنَّ مَا لَا يَكُونُ ثَمَنًا أَبَدًا يَتَحَوَّلُ فَيَصِيرُ قِيمَةً إذَا فَاتَ مَا فِيهِ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَالْمَبِيعُ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ شِرَاءً حَلَالًا، وَيَشْتَرِطُ خِيَارَ يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ فَيَتْلَفُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا لِأَنَّ هَذَا لَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ سَاعَةٌ أَوْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إنْفَاذَهُ نَفَذَ لِأَنَّ أَصْلَهُ حَلَالٌ، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَوْ مَرَّتْ عَلَيْهِ الْآبَادُ أَوْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ إنْفَاذَهُ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ قَالَ إنَّ الْبَائِعَ بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَرْضَ أَنْ يُسَلِّمَ سِلْعَتَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَدِيعَةً فَتَكُونُ أَمَانَةً، وَمَا رَضِيَ إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الثَّمَنَ فَكَذَلِكَ الْبَائِعُ عَلَى الْخِيَارِ مَا رَضِيَ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً، وَمَا رَضِيَ إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الثَّمَنَ فَكَيْفَ كَانَ فِي الْبَيْعِ الْحَرَامِ عِنْدَهُ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ إذْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَمَانَةً، وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي الْبَيْعِ الْحَلَالِ، وَلَمْ يَرْضَ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً، وَقَدْ رَوَى الْمَشْرِقِيُّونَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَامَ بِفَرَسٍ، وَأَخَذَهَا بِأَمْرِ صَاحِبِهَا فَشَارَ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ إلَى مَشْيِهَا فَكُسِرَتْ فَحَاكَمَ فِيهَا عُمَرُ صَاحِبَهَا إلَى رَجُلٍ فَحَكَمَ عَلَيْهِ أَنَّهَا ضَامِنَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهَا كَمَا أَخَذَهَا سَالِمَةً فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُمَرُ مِنْهُ، وَأَنْفَذَ قَضَاءَهُ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ، وَاسْتَقْضَاهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مُسَاوَمَةٍ، وَلَا تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ إلَّا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْعِ فَرَأَى عُمَرُ، وَالْقَاضِي عَلَيْهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ، فَمَا سُمِّيَ لَهُ ثَمَنٌ، وَجُعِلَ فِيهِ الْخِيَارُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا مِنْ هَذَا، وَإِنْ أَصَابَ هَذَا الْمَضْمُونَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا نَقَصَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ، وَمَا نَقَصَ، وَإِذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا بَالِغًا لَا يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ، وَيَخَافُ الْعَنَتَ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةَ أَبِيهِ كَمَا يَنْكِحُ أَمَةَ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّ وَلَدَهُ مِنْ أَمَةِ أَبِيهِ أَحْرَارٌ فَلَا يَكُونُ لِأَبِيهِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُمْ لِأَنَّهُمْ بَنُو وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا فَخَافَ الْعَنَتَ فَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةَ ابْنِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَهُ وَجَبَرَ ابْنَهُ إذَا كَانَ وَاجِدًا عَلَى أَنْ يُعِفَّهُ بِإِنْكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ لِأَنَّ لِلْأَبِ إذَا بَلَغَ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا غَيْرَ مُغْنٍ لِنَفْسِهِ زَمِنًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ الِابْنُ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ مَلَكَ ابْنَتَهَا فَأَصَابَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا، وَحُرِّمَتْ الْبِنْتُ لِأَنَّ هَذِهِ بِنْتُ امْرَأَةٍ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَتِلْكَ قَدْ صَارَتْ أُمَّ امْرَأَةٍ أَصَابَهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ لَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ إصَابَتُهَا، وَيَحِلُّ لَهُ خِدْمَتُهَا، وَتَكُونُ مَمْلُوكَةً لَهُ كَمِلْكِ أُمِّ الْوَلَدِ يَأْخُذُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، وَمَا أَفَادَتْ مِنْ مَالٍ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute