للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذُ مَالَ مَمَالِيكِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِأَبِيهِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَلَمْ تَلِدْ فَالْأَمَةُ لِأَبِيهِ كَمَا هِيَ، وَعَلَيْهِ عُقْرُهَا لِأَبِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فِي الْأَمَةِ الَّتِي وَطِئَهَا الرَّجُلُ، وَوَلَدَتْ، وَحُرِّمَ فَرْجُهَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ وَطِئَ أُمَّهَا بِنِكَاحٍ أَعْتَقَهَا عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا لَا تَرِقُّ بَعْدَهُ بِحَالٍ، وَلَا يَكُونُ لَهُ بَيْعُهَا، وَإِنَّمَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ فِيهَا الْمُتْعَةُ بِالْجِمَاعِ فَلَمَّا حُرِّمَ الْجِمَاعُ أَعْتَقَهَا عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا تَقُولُ فِي أُمِّ وَلَدِ الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ فَرْجُهَا أَلَهُ شَيْءٌ مِنْهَا غَيْرُ الْجِمَاعِ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ فَيَأْخُذُ ثَمَنَهَا، وَيُجْنَى عَلَيْهَا فَيَأْخُذُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، وَتُفِيدُ مَالًا مِنْ أَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ فَيَأْخُذُ الْمَالَ، وَتَخْدُمُهُ قُلْت لَهُ أَسْمَعُ لَهُ فِيهَا مَعَانِيَ كَثِيرَةً غَيْرَ الْجِمَاعِ فَلِمَ أَبْطَلْتهَا، وَأَعْتَقْتهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ أَنْ يَعْتِقَ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ أَوْ تَعْتِقَ أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَهُوَ لَمْ يَمُتْ فَإِذَا كَانَ عُمَرُ إنَّمَا أَعْتَقَهُنَّ بَعْدَ مَوْتِ سَادَاتِهِنَّ فَعَجَّلْتهنَّ الْعِتْقَ فَقَدْ خَالَفْته، وَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ أَنْ لَا يَعْتِقَ إلَّا مَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ فَأَعْتَقَتْهَا فَقَدْ خَالَفْته فَإِنْ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ لَا يَحِلُّ لَهُ فَرْجُهَا قِيلَ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكَهُ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِيهِ إنْ مَلَكَ أُمَّهُ وَبِنْتَه وَأُخْتَه مِنْ الرَّضَاعِ وَجَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهِنَّ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ فَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْوَةِ بِأَرْبَعٍ كُلُّهُنَّ حَرَامُ الْفَرْجِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ حَرَّمْتَهُ بِوَاحِدَةٍ؟ فَإِنْ قَالَ إنَّمَا خَلَّيْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْوَةِ بِرَضَائِعِهِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ لَهُنَّ قِيلَ فَمُحَرَّمٌ هُوَ لِجَارِيَتِهِ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ؟ فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ فَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْجٍ مَمْنُوعٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهَا مَحْرَمٌ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ مَنَعْت الِابْنَ فَرْجَ جَارِيَتِهِ إذَا أَصَابَهَا أَبُوهُ، وَلَمْ تَجْعَلْ عَلَيْهِ إلَّا الْعُقْرَ، وَلَمْ تُقَوِّمْهَا عَلَى أَبِيهِ، وَقَدْ فَعَلَ فِيهَا فِعْلًا يُمْنَعُ بِهِ الِابْنُ مِنْ فَرْجِهَا؟ قِيلَ لَهُ إنَّ مَنْعَ الْفَرْجُ لَا ثَمَنَ لَهُ، وَالْجِنَايَةُ جِنَايَتَانِ جِنَايَةٌ لَهَا ثَمَنٌ، وَأُخْرَى لَا ثَمَنَ لَهَا فَلَمَّا كَانَ الْحَدُّ إذَا دُرِئَ كَانَ ثَمَّةَ فِي الْمَوْطُوءَةِ عُقْرٌ أَغْرَمْنَاهُ الْأَبَ، وَلَمْ نُسْقِطْ عَنْهُ شَيْئًا فَعَلَهُ لَهُ ثَمَنٌ، وَلَمَّا كَانَ تَحْرِيمُ الْفَرْجِ غَيْرَ مُعْتِقٍ لِلْأَمَةِ، وَلَا مُخْرِجٍ لَهَا مِنْ مِلْكِ الِابْنِ لَمْ يَكُنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا فَيَغْرَمُهُ فَإِنْ قَالَ فَمَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ مَا هُوَ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَعْنَاهُ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ بِلَبَنِ الرَّجُلِ جَارِيَتَهُ لِتُحَرِّمَهَا عَلَيْهِ فَتَحْرُمُ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا، وَتَكُونُ مُسِيئَةً آثِمَةً بِمَا صَنَعَتْ، وَلَا يَكُونُ لِمَا صَنَعَتْ ثَمَنٌ نُغَرِّمُهَا إيَّاهُ، وَهِيَ لَوْ شَجَّتْهَا أَغْرَمْنَاهَا أَرْشَ شَجَّتِهَا فَإِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ يَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ عَامِدَةً، وَلَا تَغْرَمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ إتْلَافٍ، وَلَا إخْرَاجٍ لِلْمُحَرَّمَةِ مِنْ الْمِلْكِ، وَلَا جِنَايَةٌ لَهَا أَرْشٌ فَكَذَلِكَ هِيَ فِي الْأَبِ بَلْ هِيَ فِي الْأَبِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَ مِنْهَا بَدَلًا لِأَنَّهُ قَدْ أُخِذَ مِنْهُ عُقْرٌ، وَهَذِهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَأَصَابَهَا جَاهِلًا فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ تَعْتِقُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْجِهَا بِالنَّهْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدِهِ، وَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا حَلَالًا، وَإِنَّمَا هُوَ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فَوَلَدَتْ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذَا أَتَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا، وَالثَّانِي لَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا، وَإِنْ أَتَاهُ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ فِي شَيْءٍ لَهُ فِيهِ عَلَقٌ مُلِكَ بِحَالٍ، وَلَكِنَّهُ يُوجَعُ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً، وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْجِهَا بِأَنْ يُنْهَى عَنْ وَطْئِهَا، وَلَا عُقْرَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْحَالَيْنِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعُقْرَ الَّذِي يَجِبُ بِالْوَطْءِ لَهُ، وَلَا يَغْرَمُ لِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهَا لَمْ يَغْرَمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا مَلَكَ النَّصْرَانِيُّ الْمُسْلِمَةَ، وَوَطِئَهَا، وَهُوَ جَاهِلٌ أُعْلِمَ، وَنُهِيَ أَنْ يَعُودَ أَنْ يَمْلِكَ مُسْلِمَةً، وَبِيعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ وَلَدَتْ بِذَلِكَ الْوَطْءِ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَنْ تُعْزَلَ عَنْهُ، وَيُؤْخَذَ بِنَفَقَتِهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ تَعْمَلَ لَهُ مُعْتَزِلَةً عَنْهُ مَا يَعْمَلُ مِثْلُهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ، وَهَكَذَا أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ، وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ فِيهَا مِثْلُ الْقَوْلِ فِي الَّذِي وَطِئَ رَضِيعَتَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ حَدٌّ، وَفِي الْآخَرِ عُقُوبَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ إجَارَتَهَا مِنْ امْرَأَةٍ فِي عَمَلٍ تُطِيقُهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ مَا أَفَادَتْهُ، وَأَخْذُ أَرْشِ جِنَايَةٍ إنْ جُنِيَ عَلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ فَقَالَ هِيَ حُرَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>