للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَ أَسْلَمَتْ، وَقَالَ عِلَّتِي فِي إعْتَاقِهَا عِلَّتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ فَرْجَهَا قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَالْأُخْرَى أَنْ لَا أُثْبِتَ لِمُشْرِكٍ عَلَى مُسْلِمٍ مِلْكًا فَقِيلَ لَهُ أَمَّا الْأُولَى فَمَا أَقْرَبُ تَرْكِهَا مِنْك فَقَالَ وَكَيْفَ؟ قُلْت أَرَأَيْت أُمَّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ وَطِئَهَا ابْنُهُ قَالَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ قُلْت أَفَتَعْتِقُهَا عَلَيْهِ، وَقَدْ حُرِّمَ فَرْجُهَا بِكُلِّ حَالٍ؟ قَالَ لَا قُلْنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هُوَ وَطِئَ ابْنَتَهَا وَأُمَّهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ فَرْجُهَا بِكُلِّ حَالٍ عِنْدَك، وَلَمْ تَعْتِقْهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَقَدْ تَرَكْت الْأَمْرَ الْأَوَّلَ فِي الْأُولَى أَنْ تَعْتِقَ مِنْ هَذِهِ قَالَ وَكَيْفَ؟ قُلْنَا هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ فُرُوجُهُنَّ عِنْدَك بِحَالٍ، وَأُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ قَدْ يَحِلُّ فَرْجُهَا لَوْ أَسْلَمَ السَّاعَةَ قَالَ فَدَعْ هَذَا قُلْت، وَالثَّانِي سَتَدَعُهُ قَالَ وَكَيْفَ؟ قُلْت أَرَأَيْت مُدَبَّرَ النَّصْرَانِيِّ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ، وَمُكَاتَبَتَهُ أَتَعْتِقُهُمْ إذَا أَسْلَمُوا أَوْ تَبِيعُهُمْ؟ قَالَ لَا نَعْتِقُ الْمُدَبَّرِينَ إلَّا بِالْمَوْتِ، وَلَا الْمُكَاتَبَ إلَّا بِالْأَدَاءِ قُلْنَا فَهَؤُلَاءِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقُوا لِمَنْ مَلَكَهُمْ؟ قَالَ النَّصْرَانِيُّ، وَلَكِنَّهُ مُعَلَّقٌ بِمَوْتِهِ قُلْنَا فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ مِلْكُهَا لِلنَّصْرَانِيِّ مُعَلَّقٌ بِمَوْتِهِ فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ، وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنٍ، وَلَا تَسْعَى فِيهِ، وَأَنْتَ تَسْتَسْعِي الْمُدَبَّرَ فِي دَيْنِ النَّصْرَانِيِّ قَالَ فَإِنْ قُلْتَ فَهُوَ حُرٌّ، وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ؟ قُلْتُ يَدْخُلُ ذَلِكَ عَلَيْك فِي الْمُكَاتَبِ قَالَ أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا أَقُولُهُ قُلْت أَرَأَيْت عَبْدًا نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ فَوَهَبَهُ النَّصْرَانِيُّ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ؟ قَالَ يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ قُلْنَا فَيَجُوزُ إلَّا، وَهُوَ مَالِكٌ لَهُ ثَابِتُ الْمِلْكِ عَلَيْهِ؟ قَالَ لَا قُلْت أَوْ رَأَيْت لَوْ أَسْلَمَ بِمَوْضِعٍ لَا سُوقَ بِهِ أَتُمْهِلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ السُّوقَ فَيَبِيعَهُ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ جَانٍ فَقَتَلَهُ أَوْ جَرَحَهُ كَانَ الْأَرْشُ لِلنَّصْرَانِيِّ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ كَمَا كَانَ يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْمُسْلِمِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَقَدْ زَعَمْت أَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ فِي حَالَاتٍ قَالَ نَعَمْ، وَلَكِنِّي إذَا قَدَرْت عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ أَخْرَجْتُهُ قُلْت بِأَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَهُ مَكَانَهُ أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ؟ قَالَ أَدْفَعُ إلَيْهِ ثَمَنَهُ مَكَانَهُ قُلْنَا فَتَصْنَعُ ذَا بِأُمِّ الْوَلَدِ؟ قَالَ لَا أَجِدُ السَّبِيلَ إلَى بَيْعِهَا فَأَدْفَعُ إلَيْهِ ثَمَنَهَا قُلْت فَلَمَّا لَمْ تَجِدْ السَّبِيلَ إلَى بَيْعِهَا كَانَ حُكْمُهَا غَيْرَ حُكْمِهِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَمَنْ قَالَ لَك أَعْتَقْتهَا بِلَا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ مَكَانَهُ؟ قَالَ لَا، وَلَكِنْ عِوَضٌ عَلَيْهَا قُلْنَا فَهِيَ مُعْدَمَةٌ بِهِ أَفَكُنْت بَائِعًا عَبْدَهُ مِنْ مُعْدَمٍ؟ قَالَ لَا قُلْنَا فَكَيْفَ بِعْتهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَهِيَ مُعْدَمَةٌ؟ قَالَ لِلْحُرِّيَّةِ قُلْنَا مِنْ قِبَلِهِ كَانَتْ أَوْ مِنْ قِبَلِهَا؟ فَإِنْ قُلْت مِنْ قِبَلِهِ قُلْنَا فَهِيَ حُرَّةٌ بِلَا سِعَايَةٍ قَالَ مَا أَعْتِقُهَا فَتَكُونُ حُرَّةً بِلَا سِعَايَةٍ، وَلَا أَعْتِقُ شَيْئًا مِنْهَا قُلْت فَحُرَّةٌ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا فَلِلْمَمْلُوكِ أَنْ يَعْتِقَ نَفْسَهُ قَالَ فَحُرَّةٌ مِنْ قِبَلِ الْإِسْلَامِ قُلْنَا فَقَدْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَلَمْ تَعْتِقْهُ، وَمَا دَرَيْت مِنْ أَيْنَ أَعْتَقْتهَا، وَلَا أَنْتَ إلَّا تَخَرَّصَتْ عَلَيْهَا، وَأَنْتَ تَعِيبُ الْحُكْمَ بِالتَّخَرُّصِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَقَالَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةُ الْغَاصِبِ الَّذِي وَطِئَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ فِي مَسْأَلَةِ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ فَخُذُوا جَوَابَهَا مِنْ هُنَالِكَ فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِيهَا ثَمَّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً، وَزَعَمَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَدَخَلَ عَلَيْهَا الرَّجُلُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَقَبَتَهَا رَجُلٌ، وَقَدْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَأَوْلَادُهَا أَحْرَارٌ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ قِيمَتُهُمْ وَجَارِيَتُهُ وَالْمَهْرُ يَأْخُذُ مِنْ الزَّوْجِ إنْ شَاءَ، وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ كُلَّهُ عَلَى الْغَارِّ لِأَنَّهُ لَزِمَ مِنْ قِبَلِهِ، وَأَصْلُ مَا رَدَدْنَا بِهِ الْمَغْرُورَ عَلَى الْغَارِّ عَلَى أَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَأَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا فَرَدَّ الزَّوْجَ عَلَى مَا اسْتَحَقَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ بِالْمَسِيسِ عَلَى الْغَارِّ، وَكَانَ مَوْجُودًا فِي قَوْلِهِ إنَّهُ إنَّمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ فِي الْمَهْرِ لَزِمَهُ بِغُرُورِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ غَارٍّ لَزِمَ الْمَغْرُورَ بِسَبَبِهِ غُرْمٌ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ يَعْرِفُ مِنْ الْمَرْأَةِ الْجُنُونَ أَمْ لَمْ يَعْرِفْهُ لِأَنَّ كُلًّا غَارٌّ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>