للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ إلَى غَيْرِ الْمَرِيضِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا حِنْثَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): مِثْلُ ذَلِكَ أَقُولُ إنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْذَنَ لِامْرَأَتِهِ بِالْخُرُوجِ إلَّا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إلَى حَمَّامٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي، أَوْ إنْ خَرَجْت إلَى مَكَان، أَوْ إلَى مَوْضِعٍ إلَّا بِإِذْنِي فَالْيَمِينُ عَلَى مَرَّةٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا مَرَّةً فَخَرَجَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ قَدْ بَرَّ مَرَّةً فَلَا يَحْنَثُ ثَانِيَةً، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا أَنْ آذَنَ لَك، فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَخَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي، أَوْ طَالِقٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي كَانَ هَذَا عَلَى كُلِّ خَرْجَةٍ، فَأَيَّ خَرْجَةٍ خَرَجَتْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ حَانِثٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى خَرَجْت كَانَ هَذَا عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فَمَاتَ الَّذِي حَلَفَ عَلَى إذْنِهِ فَدَخَلَهَا حَنِثَ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ فَدَخَلَ بَعْدَ رُجُوعِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ مَرَّةً

(قَالَ): فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ غُلَامِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ إنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَضْرِبَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يَبِيعُهُ إنْ شَاءَ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): مَنْ حَنِثَ بِعِتْقٍ وَلَهُ مُكَاتَبُونَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمُدَبَّرُونَ وَأَشْقَاصٌ مِنْ عَبِيدٍ يَحْنَثُ فِيهِمْ كُلِّهِمْ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَلَا يَحْنَثُ فِيهِ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ فِي مَمَالِيكِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْحُكْمِ أَنَّ مُكَاتَبَهُ خَارِجٌ عَنْ مِلْكِهِ بِمَعْنًى دَاخِلٍ فِيهِ بِمَعْنَى فَهُوَ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخْذِ مَالِهِ وَاسْتِخْدَامِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِيهِ وَلَيْسَ هَكَذَا أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرُوهُ كُلُّ أُولَئِكَ دَاخِلٌ فِي مِلْكِهِ لَهُ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمْ وَتَكُونُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ فَإِنَّمَا يَعْنِي عَبْدًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا بِكُلِّ حَالٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ وَأَخْذِ مَالِهِ وَمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِعِتْقِ غُلَامِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ غَدًا فَبَاعَهُ الْيَوْمَ فَلَمَّا مَضَى غَدٌ اشْتَرَاهُ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ إذَا وَقَعَ مَرَّةً لَمْ يَعُدْ ثَانِيَةً وَهَذَا قَدْ وَقَعَ حِنْثُهُ مَرَّةً فَهُوَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَأْكُلَ الرُّءُوسَ وَأَكَلَ رُءُوسَ الْحِيتَانِ، أَوْ رُءُوسَ الْجَرَادِ، أَوْ رُءُوسَ الطَّيْرِ، أَوْ رُءُوسَ شَيْءٍ يُخَالِفُ رُءُوسَ الْبَقَرِ، أَوْ الْغَنَمِ، أَوْ الْإِبِلِ لَمْ يَحْنَثْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسُ إذَا خُوطِبُوا بِأَكْلِ الرُّءُوسِ أَنَّهَا الرُّءُوسُ الَّتِي تُعْمَلُ مُتَمَيِّزَةً مِنْ الْأَجْسَادِ يَكُونُ لَهَا سُوقٌ كَمَا يَكُونُ لِلَّحْمِ سُوقٌ فَإِنْ كَانَتْ بِلَادٌ لَهَا صَيْدٌ وَيَكْثُرُ كَمَا يَكْثُرُ لَحْمُ الْأَنْعَامِ وَيُمَيَّزُ لَحْمُهَا مِنْ رُءُوسِهَا فَتُعْمَلُ كَمَا تُعْمَلُ رُءُوسُ الْأَنْعَامِ فَيَكُونُ لَهَا سُوقٌ عَلَى حِدَةٍ وَلِلَحْمِهَا سُوقٌ عَلَى حِدَةٍ فَحَلَفَ حَنِثَ بِهَا وَهَكَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ يُصْنَعُ بِالْحِيتَانِ، وَالْجَوَابُ فِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ فَإِذَا كَانَ لَهُ نِيَّةٌ حَنِثَ وَبَرَّ عَلَى نِيَّتِهِ، وَالْوَرَعُ أَنْ يَحْنَثَ بِأَيِّ رَأْسٍ مَا كَانَ، وَالْبَيْضُ كَمَا وَصَفْت هُوَ بَيْضُ الدَّجَاجِ، وَالْإِوَزِّ وَالنَّعَامِ، فَأَمَّا بَيْضُ الْحِيتَانِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ الَّذِي يُعْرَفُ هُوَ الَّذِي يُزَايِلُ بَائِضَهُ فَيَكُونُ مَأْكُولًا وَبَائِضُهُ حَيًّا، فَأَمَّا بَيْضُ الْحِيتَانِ فَلَا يَكُونُ هَكَذَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذًا إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا حَنِثَ بِلَحْمِ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْوُحُوشِ وَالطَّيْرِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ لَحْمٌ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ دُونَ اللَّحْمِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>