للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْنَثُ فِي الْحُكْمِ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ؛ لِأَنَّ اسْمَهُ غَيْرُ اسْمِهِ فَالْأَغْلَبُ عَلَيْهِ الْحُوتُ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ فِي اللَّحْمِ وَيَحْنَثُ فِي الْوَرَعِ بِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا نَذَرَ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ سَوِيقًا، فَأَكَلَهُ، أَوْ لَا يَأْكُلَ خُبْزًا فَمَاثَهُ فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ الَّذِي حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَاللَّبَنُ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ فَشَرِبَهُ، أَوْ لَا يَشْرَبَهُ، فَأَكَلَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ سَمْنًا، فَأَكَلَ السَّمْنَ بِالْخُبْزِ، أَوْ بِالْعَصِيدَةِ، أَوْ بِالسَّوِيقِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ السَّمْنَ هَكَذَا لَا يُؤْكَلُ إنَّمَا يُؤْكَلُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ مَأْكُولًا إلَّا بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَامِدًا فَيَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَأْكُلَهُ جَامِدًا مُنْفَرِدًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذِهِ التَّمْرَةِ فَوَقَعَتْ فِي التَّمْرِ، فَأَكَلَ التَّمْرَ كُلَّهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَكَلَهَا، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ التَّمْرِ كُلِّهِ وَاحِدَةٌ، أَوْ هَلَكَتْ مِنْ التَّمْرِ كُلِّهِ وَاحِدَةٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهَا فِيمَا أَكَلَ وَهَذَا فِي الْحُكْمِ، وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا حَنَّثَ نَفْسَهُ إنْ أَكَلَهُ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا الدَّقِيقَ وَلَا هَذِهِ الْحِنْطَةَ، فَأَكَلَهُ حِنْطَةً، أَوْ دَقِيقًا حَنِثَ، وَإِذَا خَبَزَ الدَّقِيقَ، أَوْ عَصَدَهُ، فَأَكَلَهُ، أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ، أَوْ خَبَزَهَا أَوْ قَلَاهَا فَجَعَلَهَا سَوِيقًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْكُلْ دَقِيقًا وَلَا حِنْطَةً إنَّمَا أَكَلَ شَيْئًا قَدْ حَالَ عَنْهُمَا بِصَنْعَةٍ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا، فَأَكَلَ شَحْمًا، أَوْ لَا يَأْكُلَ شَحْمًا، فَأَكَلَ لَحْمًا لَمْ يَحْنَثْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَاحِبِهِ.

وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ رُطَبًا، فَأَكَلَ تَمْرًا، أَوْ لَا يَأْكُلَ بُسْرًا، فَأَكَلَ رُطَبًا، أَوْ لَا يَأْكُلَ بَلَحًا، فَأَكَلَ بُسْرًا، أَوْ لَا يَأْكُلَ طَلْعًا، فَأَكَلَ بَلَحًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا غَيْرُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ وَاحِدًا وَهَكَذَا إنْ قَالَ لَا آكُلُ زُبْدًا، فَأَكَلَ لَبَنًا، أَوْ قَالَ لَا آكُلُ خَلًّا، فَأَكَلَ مَرَقًا فِيهِ خَلٌّ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَلَّ مُسْتَهْلَكٌ فِيهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ شَيْئًا فَذَاقَهُ وَدَخَلَ بَطْنَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالذَّوْقِ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ غَيْرُ الشُّرْبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ وَهُوَ فِيهِمْ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهُ فِيمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَالَ الرَّبِيعُ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ فِيمَا أَعْلَمُ إنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَعْزِلَهُ بِقَلْبِهِ فِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهِ خَاصَّةً (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا مَرَّ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَامِدٌ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ، فَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ فَلَا يُحَنِّثُهُ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ وَضَعَ عَنْ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَفِي قَوْلِ غَيْرِهِ يَحْنَثُ فَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا، أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فَالْوَرَعُ أَنْ يَحْنَثَ وَلَا يَبِينُ لِي أَنْ يَحْنَثَ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ وَالْكِتَابَ غَيْرُ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ يَكُونُ كَلَامًا فِي حَالٍ وَمَنْ حَنَّثَهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} الْآيَةَ وَقَالَ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْمُنَافِقِينَ {قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} وَإِنَّمَا نَبَّأَهُمْ بِأَخْبَارِهِمْ بِالْوَحْيِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُخْبِرُهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَحْيِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ لَا يَحْنَثُ قَالَ إنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ لَا يُشْبِهُ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ بِالْمُوَاجَهَةِ، أَلَا تَرَى لَوْ هَجَرَ رَجُلٌ رَجُلًا كَانَتْ الْهِجْرَةُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَكَتَبَ إلَيْهِ، أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى كَلَامِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ هَذَا مِنْ هِجْرَتِهِ الَّتِي يَأْثَمُ بِهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لِقَاضٍ أَنْ لَا يَرَى كَذَا، وَكَذَا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ ذَلِكَ الْقَاضِي فَرَأَى ذَلِكَ الشَّيْءَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ أَحَدٌ يَرْفَعُهُ إلَيْهِ، وَلَوْ رَآهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ، وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا بَعْدَهُ وُلِّيَ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَبَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي أَحْلَفَهُ لِيَرْفَعَهُ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا عُزِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي الَّذِي خَلَفَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ عُزِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ لَيَرْفَعَنَّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَاضِيًا فَرَأَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>