فَصَارَتْ لَا تُرَدُّ بِحَالٍ، أَوْ حَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ فَصَارَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بِحَالٍ فَأَمَّا إذَا بَاعَهَا، أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَرُدَّهَا فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْبَائِعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَرْجِعَ بِنَقْصِ الْعَيْبِ كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا بِيَدِهِ وَيَرْجِعَ بِنَقْصِ الْعَيْبِ
(قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ فِيهِ شَرْطًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ يَهَبَهُ لِفُلَانٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ الْبَيْعُ فِي هَذَا فَاسِدٌ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ، أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا، أَوْ عَلَى أَنْ يُخَارِجَهُ فَالْبَيْعُ فِيهِ كُلِّهِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ غَيْرُ تَمَامِ مِلْكٍ وَلَا يَجُوزُ الشَّرْطُ فِي هَذَا إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعِتْقُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَلِفِرَاقِ الْعِتْقِ لِمَا سِوَاهُ فَنَقُولُ إنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُ فَأَعْتَقَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ مَا فَرْقٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ قِيلَ قَدْ يَكُونُ لِي نِصْفُ الْعَبْدِ فَأَهَبَهُ وَأَبِيعُهُ وَأَصْنَعُ فِيهِ مَا شِئْت غَيْرَ الْعِتْقِ فَلَا يَلْزَمُنِي ضَمَانُ نَصِيبِ شَرِيكِي فِيهِ وَلَا يَخْرُجُ نَصِيبُ شَرِيكِي مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ كُلًّا مَالِكٌ لِمَا مَلَكَ فَإِنْ أَعْتَقْته وَأَنَا مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِي الَّذِي لَا أَمْلِكُ وَلَمْ أَعْتِقْ وَضَمِنْت قِيمَتَهُ وَخَرَجَ مِنْ يَدَيْ شَرِيكِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَأَعْتَقَ الْحَمْلَ فَتَلِدُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، وَلَوْ بِعْته لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ مَعَ خِلَافِهِ لِغَيْرِهِ فِي هَذَا وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبِ وَمَا سِوَاهُمَا
(قَالَ): وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ مِنْ بَيْعٍ فَحَلَّ الْمَالُ فَأَخَّرَهُ عَنْهُ إلَى أَجَلٍ آخَرَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ تَأْخِيرُهُ جَائِزٌ وَهُوَ إلَى الْأَجَلِ الْآخَرِ الَّذِي أَخَّرَهُ عَنْهُ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ مِنْهُمَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ مَالٌ حَالٌّ مِنْ سَلَفٍ، أَوْ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَأَنْظَرَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِالْمَالِ إلَى مُدَّةٍ مِنْ الْمُدَدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النَّظِرَةِ مَتَى شَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِهِ إلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا شَيْئًا أَخَذَ مِنْهُ بِهِ عِوَضًا فَنُلْزِمُهُ إيَّاهُ لِلْعِوَضِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْهُ، أَوْ نُفْسِدُهُ وَيَرُدُّ الْعِوَضَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَفِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا فِي الْبَيْعِ، وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ فَيَجْعَلَانِهِ بَيْعًا غَيْرَهُ بِنَظِرَةٍ، أَوْ يَتَدَاعَيَانِ فِيهِ دَعْوَى فَيُصَيَّرَانِهِ بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا إلَى أَجَلٍ فَيَلْزَمُهُمَا الْبَيْعُ الَّذِي أَحْدَثَاهُ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَتَغَيَّبَ عَنْهُ الْمَطْلُوبُ حَتَّى حَطَّ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَعْدُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ مَا حَطَّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا حَطَّ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْهُ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَلَوْ أَنَّ الطَّالِبَ قَالَ إنْ ظَهَرَ لِي فَلَهُ مِمَّا عَلَيْهِ كَذَا، وَكَذَا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ هَذَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَغَيَّبَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ الرَّجُلِ فَحَطَّ عَنْهُ وَهُوَ مُتَغَيِّبٌ شَيْئًا وَأَخَذَ مِنْهُ الْبَقِيَّةَ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا حَطَطْت عَنْهُ لِلتَّغَيُّبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا حَطَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute