لِلْكَلْبِيَّةِ فَقُلْت لِرَسُولِهِ وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ إنَّمَا هِيَ بِنْتُ أُخْتِهِ؟ فَأَرْسَلَ إلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ إنَّمَا أَرَدْت بِهَذَا الْمَنْعَ لِمَا قِبَلَك لَيْسَ لَك بِأَخٍ أَنَا وَمَا وَلَدَتْ أَسْمَاءُ فَهُمْ إخْوَتُك وَمَا كَانَ مِنْ وَلَدِ الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَسْمَاءَ فَلَيْسُوا لَك بِإِخْوَةٍ فَأَرْسِلِي فَسَلِي عَنْ هَذَا فَأَرْسَلَتْ فَسَأَلَتْ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَافِرُونَ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالُوا لَهَا: إنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا فَأَنْكَحَتْهَا إيَّاهُ فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ بَعْضِ آلِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ كَانَ يَقُولُ: الرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُعَلَّى أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ يَرَى الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا قُلْت لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؟ قَالَ ابْنُ مَرْوَانَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ شَيْئًا قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَذَلِكَ كَانَ رَأْيَ رَبِيعَةَ وَرَأْيَ فُقَهَائِنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَدَّثَ عَمْرَو بْنَ الشُّرَيْدِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي اللِّقَاحِ وَاحِدٌ وَقَالَ: حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَمَا رَأَيْت مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَحَدًا يَشُكُّ فِي هَذَا إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ خِلَافُهُمْ فَمَا الْتَفَتُّمْ إلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُ وَأَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: إنَّهُ عَمُّك، فَأَذِنُوا لَهُ» فَقَالَ: وَمَا فِي هَذَا حَدِيثُهَا أُمُّ أَبِي بَكْرٍ أَرْضَعَتْهُ فَلَيْسَ هَذَا بِرَضَاعٍ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ وَلَوْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ لَكَانَتْ عَائِشَةُ أَعْلَمَ بِمَعْنَى مَا تَرَكَتْ وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ أَدْرَكْنَا مُتَّفِقِينَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ عَلَى مَا قُلْنَا وَلَا يَتَّفِقُ هَؤُلَاءِ عَلَى خِلَافِ سُنَّةٍ وَلَا يَدْعُونَ شَيْئًا إلَّا لِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ قَالَ: قَدْ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُنْكِرُ حَدِيثَ أَبِي الْقُعَيْسِ وَيَدْفَعُهُ دَفْعًا شَدِيدًا وَيَحْتَجُّ فِيهِ أَنَّ رَأْيَ عَائِشَةَ خِلَافُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ: أَتَجِدُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّةِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ عِلْمًا ظَاهِرًا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ مِنْ تَرْكِ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْفَحْلِ فَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَتَرَكْتُمُوهُ وَمَنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ إذَا كُنَّا نَجِدُ فِي الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالدَّلَالَةِ عَلَى مَا نَقُولُ أَفَيَجُوزُ لِأَحَدٍ تَرَكَ هَذَا الْعَامَّ الْمُتَّصِلَ مِمَّنْ سَمَّيْنَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَقْبَلَ أَبَدًا عَمَلَ أَكْثَرِ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ إذَا خَالَفَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصًّا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِعِلْمِهِمْ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: لَا قُلْت: فَقَدْ تَرَكَ مَنْ تَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ هَذَا وَلَا أَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً فِي تَرْكِهِ إلَّا مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادِ» فَقَالَ لِي: فَلِذَلِكَ تَرَكْتَهُ؟ فَقُلْت: نَعَمْ فَأَنَا لَمْ يَخْتَلِفْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ قَوْلِي فِي أَنَّهُ لَا أَذْهَبُ إذَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ إلَى أَنْ أَدَعَهُ لِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا خَالَفْنَا فِي لَبَنِ الْفَحْلِ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ مِنْ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ فَأَخَذْت بِأَظْهَرِ مَعَانِيهِ وَإِنْ أَمْكَنَ فِيهِ بَاطِنٌ وَتَرَكْتُمْ قَوْلَ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَوْ ذَهَبْت إلَى الْأَكْثَرِ وَتَرَكْت خَبَرَ الْوَاحِدِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَدَوْت مَا قَالَ: الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَدَنِيِّينَ أَنْ لَا يُحَرِّمُ لَبَنُ الْفَحْلِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ وَصَفْت حَدِيثَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: عَقْلُ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَإِنَّ نَاسًا لَيَقُولُونَ يُقَوَّمُ سِلْعَةً فَالزُّهْرِيُّ قَدْ جَمَعَ قَوْلَ أَهْلِ الْمَدِينَةَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَمَنْ خَالَفَهُ فَخَرَجَ صَاحِبُكُمْ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَكُمْ كَالْإِجْمَاعِ مَا هُوَ دُونَهُ عِنْدَكُمْ إجْمَاعٌ بِالْمَدِينَةِ وَقُلْتُمْ قَوْلًا خَارِجًا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ وَأَقَاوِيلِ بَنِي آدَمَ وَذَلِكَ أَنَّكُمْ قُلْتُمْ مَرَّةً كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: جِرَاحُهُ فِي ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute