للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُمْ؟ قُلْت: مَاذَا؟ قَالَ: أَتَعْرِفُونَهُمْ يُحَلِّفُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ حَقَّهُ؟ قُلْت لَا: (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ الْيَمِينَ أَبَدًا وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَدَّ الْيَمِينِ خَطَأٌ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أُخِذَ مِنْهُ الْحَقُّ؟ قُلْت: بَلَى قَالَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَقُولُونَ قُلْت: نَعَمْ وَلَكِنْ لَعَلَّهُ زَلَلٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَوْ يَجُوزُ لِزَلَلٍ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ النَّاسِ ثُمَّ عَنْ النَّاسِ كَافَّةً وَإِنْ جَازَ الزَّلَلُ فِي الْأَكْثَرِ جَازَ فِي الْأَقَلِّ وَفِيمَا قُلْتُمْ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ وَقَوْلُكُمْ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الزَّلَلِ لِأَنَّكُمْ إذَا زَلِلْتُمْ فِي أَنْ تَرْوُوا عَنْ النَّاسِ عَامَّةً فَعَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُمْ أَقَلُّ مِنْ النَّاسِ كُلِّهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَوْلُكُمْ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ نَكْتَفِي مِنْهَا بِثُبُوتِ السُّنَّةِ حُجَّةً عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَرْوُونَ فِيهَا إلَّا حَدِيثَ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ مُنْقَطِعًا وَلَا تَرْوُونَ فِيهَا حَدِيثًا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالزُّهْرِيُّ وَعُرْوَةُ يُنْكِرَانِهَا بِالْمَدِينَةِ وَعَطَاءٌ يُنْكِرُهَا بِمَكَّةَ فَإِنْ كَانَتْ تَثْبُتُ السُّنَّةُ فَلَنْ يَعْمَلَ بِهَذَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْتُمْ لَا تَحْفَظُونَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمِلَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَإِنْ كُنْتُمْ ثَبَّتُّمُوهَا بِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهَا وَإِنْ كُنْتُمْ ثَبَّتُّمُوهَا بِخَبَرٍ مُنْقَطِعٍ كَانَ الْخَبَرُ الْمُتَّصِلُ أَوْلَى أَنْ نُثْبِتَهَا بِهِ قُلْت فَأَنْتَ تُثْبِتُهَا قَالَ: مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي ثَبَّتُّمُوهَا بِحَدِيثٍ مُتَّصِلٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا إجْمَاعَ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِعَمَلٍ وَإِجْمَاعٍ كَانَ بَعِيدًا مِنْ أَنْ تَثْبُتَ وَهُمْ يَحْتَجُّونَ عَلَيْهَا بِقُرْآنٍ وَسُنَّةٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَزَعَمْت أَنَّ مَا أَشْكَلَ فِيمَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ مِمَّا رَوَيْتُمْ عَلَى النَّاسِ أَنَّهُمْ فِي الْبُلْدَانِ لَا يُخَالِفُونَ فِيهِ وَاَلَّذِينَ يُخَالِفُونَكُمْ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ يَقُولُونَ: نَحْنُ أَعْطَيْنَا بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فَبِالسُّنَّةِ أَعْطَيْنَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ يَمِينٍ وَلَا نُكُولٌ عَنْهَا وَهَذَا سُنَّةٌ غَيْرُ الْقُرْآنِ وَغَيْرُ الشَّهَادَاتِ زَعَمْنَا أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْ جِهَةِ الشَّهَادَاتِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَالنُّكُولُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَاتِ وَاَلَّذِي احْتَجَجْتُمْ بِهِ عَلَيْهِمْ لَيْسَتْ عَلَيْهِمْ فِيهِ حُجَّةٌ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ إنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ وَإِذَا احْتَجَجْتُمْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَهُوَ إشْكَالٌ مَا بَانَ مِنْ الْحُجَّةِ لَا يُبَانُ مَا أَشْكَلَ مِنْهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ إنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَيَا فِي الْمِلْطَاةِ بِنِصْفِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ نَافِعٍ يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَرَأْنَا عَلَى مَالِكٍ أَنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ أَفْتَى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَنَفَيْتُمْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ قَضَى دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ وَأَنْتُمْ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ تَرْوُونَ عَنْ إمَامَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا قَضَيَا فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ مُوَقَّتٍ وَلَسْت أَعْرِفُ لِمَنْ قَالَ: هَذَا مَعَ رِوَايَتِهِ وَجْهًا ذَهَبَ إلَيْهِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَمَا عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ رِوَايَةِ مَا رَوَى مِنْ هَذَا أَوْ إذَا رَوَاهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كَمَا رَوَاهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي كِتَابِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلِمَ مَا قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَلِمَهُ أَرَأَيْت لَوْ وَجَدَ كُلُّ وَالٍ مِنْ الدُّنْيَا شَيْئًا تُرِكَ يَقْضِي فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ كَانَ جَائِزًا لَهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ الْأَئِمَّةِ قَضَى فِيهَا بِشَيْءٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إمَامَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمَا قَضَيَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إمَامٍ وَلَا أَمِيرٍ تَرَكَ أَنْ قَضَى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ وَلَا نَجِدُ وَقَدْ رَوَيْنَا أَنْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَدْ قَضَى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ حَتَّى فِي الدَّامِيَةِ فَإِنْ قَالَ: رَوَيْت فِيهِ حَدِيثًا وَاحِدًا أَفَرَأَيْت جَمِيعَ مَا ثَبَتَ مِمَّا أَخَذَ بِهِ إنَّمَا رَوَى فِيهِ حَدِيثًا وَاحِدًا هَلْ يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ يَثْبُتُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ مَا عَلِمْنَا أَوْ لَا يَثْبُتُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَدَعَ عَامَّةَ مَا رَوَيْت وَثَبَتَ مِنْ حَدِيثٍ وَاحِدٍ قَالَ سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَجِبُ الْوُضُوءُ؟ قَالَ: مِنْ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ مُضْطَجِعًا أَوْ يُحْدِثُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ يُقَبِّلُ امْرَأَتَهُ أَوْ يَلْمِسُهَا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>