أَوَامِرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَحَدٍ قَبْلَك أَوْ بَعْدَك مِمَّنْ لَمْ يُشَاهِدْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ فِي أَنْ لَا آخُذَ ذَلِكَ إلَّا بِالْخَبَرِ لِمَا دَلَّنِي عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَيَّ أَنْ أَقْبَلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَقُلْت لَهُ أَيْضًا: يَلْزَمُك هَذَا فِي نَاسِخِ الْقُرْآنِ وَمَنْسُوخِهِ قَالَ: فَاذْكُرْ مِنْهُ شَيْئًا قُلْت: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} وَقَالَ فِي الْفَرَائِضِ {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} فَزَعَمْنَا بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ آيَةَ الْفَرَائِضِ نَسَخَتْ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَلَوْ كُنَّا مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ الْخَبَرَ فَقَالَ قَائِلٌ: الْوَصِيَّةُ نَسَخَتْ الْفَرَائِضَ هَلْ نَجِدُ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ إلَّا بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟.
قَالَ: هَذَا شَبِيهٌ بِالْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ وَالْحُجَّةُ لَك ثَابِتَةٌ بِأَنَّ عَلَيْنَا قَبُولَ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صِرْت إلَى أَنَّ قَبُولَ الْخَبَرِ لَازِمٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِمَا ذَكَرْت وَمَا فِي مِثْلِ مَعَانِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسَتْ تَدْخُلُنِي أَنَفَةٌ مِنْ إظْهَارِ الِانْتِقَالِ عَمَّا كُنْت أَرَى إلَى غَيْرِهِ إذَا بَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ بَلْ أَتَدَيَّنُ بِأَنَّ عَلَيَّ الرُّجُوعَ عَمَّا كُنْت أَرَى إلَى مَا رَأَيْتُهُ الْحَقَّ وَلَكِنْ أَرَأَيْت الْعَامَّ فِي الْقُرْآنِ كَيْفَ جَعَلْتَهُ عَامًّا مَرَّةً وَخَاصًّا أُخْرَى، قُلْت لَهُ: لِسَانُ الْعَرَبِ وَاسِعٌ وَقَدْ تَنْطِقُ بِالشَّيْءِ عَامًّا تُرِيدُ بِهِ الْخَاصَّ فَيَبِينُ فِي لَفْظِهَا وَلَسْت أَصِيرُ فِي ذَلِكَ بِخَبَرٍ إلَّا بِخَبَرٍ لَازِمٍ، وَكَذَلِكَ أَنْزَلَ فِي الْقُرْآنِ فَبَيَّنَّ فِي الْقُرْآنِ مَرَّةً وَفِي السُّنَّةِ أُخْرَى قَالَ: فَاذْكُرْ مِنْهَا شَيْئًا قُلْت: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فَكَانَ مُخْرِجًا بِالْقَوْلِ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَقَالَ: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فَكُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٌ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَهَذَا عَامٌّ يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَفِيهِ الْخُصُوصُ وَقَالَ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فَالتَّقْوَى وَخِلَافُهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِلْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُونُوا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ شَيْئًا لِأَنَّ فِيهِمْ الْمُؤْمِنَ وَمَخْرَجُ الْكَلَامِ عَامًّا فَإِنَّمَا أُرِيدَ مِنْ كَانَ هَكَذَا وَقَالَ: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَادِينَ فِيهِ أَهْلُهَا دُونَهَا وَذَكَرْت لَهُ أَشْيَاءَ مِمَّا كَتَبْت فِي كِتَابِي فَقَالَ: هُوَ كَمَا قُلْت كُلُّهُ وَلَكِنْ بَيِّنْ لِي الْعَامَّ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ قُلْت: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ أَلَسْت تَجِدُهَا عَلَى النَّاسِ عَامَّةً؟.
قَالَ: بَلَى: قُلْت: وَتَجِدُ الْحِيَضَ مُخْرِجَاتٍ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَقُلْت: وَتَجِدُ الزَّكَاةَ عَلَى الْأَمْوَالِ عَامَّةً وَتَجِدُ بَعْضَ الْأَمْوَالِ مُخْرَجًا مِنْهَا؟ قَالَ: بَلَى: قُلْت: وَتَجِدُ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ مَنْسُوخَةً بِالْفَرَائِضِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: وَفَرْضُ الْمَوَارِيثِ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْوَلَدِ عَامًّا وَلَمْ يُوَرِّثْ الْمُسْلِمُونَ كَافِرًا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا عَبْدًا مِنْ حُرٍّ وَلَا قَاتِلًا مِمَّنْ قَتَلَ بِالسُّنَّةِ قَالَ: نَعَمْ وَنَحْنُ نَقُولُ بِبَعْضِ هَذَا فَقُلْت: فَمَا دَلَّكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: السُّنَّةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصُّ قُرْآنٍ قُلْت: فَقَدْ بَانَ لَك فِي أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَرْضُ اللَّهِ طَاعَةَ رَسُولِهِ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ الْإِبَانَةِ عَنْهُ مَا أَنْزَلَ خَاصًّا وَعَامًّا وَنَاسِخًا وَمَنْسُوخًا؟ قَالَ: نَعَمْ وَمَا زِلْت أَقُولُ بِخِلَافِ هَذَا حَتَّى بَانَ لِي خَطَأُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَلَقَدْ ذَهَبَ فِيهِ أُنَاسٌ مَذْهَبَيْنِ: أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ لَا يَقْبَلُ خَبَرًا وَفِي كِتَابِ اللَّهِ الْبَيَانُ قُلْت فَمَا لَزِمَهُ؟ قَالَ: أَفْضَى بِهِ عَظِيمٌ إلَى عَظِيمٍ مِنْ الْأَمْرِ فَقَالَ مَنْ جَاءَ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَلَاةٍ وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زَكَاةٍ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ لَا وَقْتَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ قَالَ فِي كُلِّ أَيَّامٍ.
وَقَالَ: مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِيهِ فَرْضٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا كَانَ فِيهِ قُرْآنٌ يُقْبَلُ فِيهِ الْخَبَرُ فَقَالَ: بِقَرِيبٍ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ قُرْآنٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَا دَخَلَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنْ صَارَ إلَى قَبُولِ الْخَبَرِ بَعْدَ رَدِّهِ وَصَارَ إلَى أَنْ لَا يَعْرِفَ نَاسِخًا وَلَا مَنْسُوخًا وَلَا خَاصًّا وَلَا عَامًّا وَالْخَطَأَ قَالَ: وَمَذْهَبُ الضَّلَالِ فِي هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ وَاضِحٌ لَسْت أَقُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَكِنْ هَلْ مِنْ حُجَّةٍ فِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute