للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا أَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْأَمْرَ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُولُ مَا نَدْرِي. هَذَا وَمَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اتَّبَعْنَاهُ»

وَقَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَنَا وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ وَفَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ عَلَى خَلِيقَتِهِ وَمَا فِي أَيْدِي النَّاس مِنْ هَذَا إلَّا تَمَسَّكُوا بِهِ عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ثُمَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَنْ دَلَالَتِهِ وَلَكِنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ قَالَهُ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كَانَ بِمَوْضِعِ الْقُدْوَةِ فَقَدْ كَانَتْ لَهُ خَوَاصُّ أُبِيحَ لَهُ فِيهَا مَا لَمْ يُبَحْ لِلنَّاسِ وَحُرِّمَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» مِنْ الَّذِي لِي أَوْ عَلَيَّ دُونَهُمْ، فَإِنْ كَانَ عَلَيَّ وَلِي دُونَهُمْ لَا يُمْسِكُنَّ بِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إذَا أَحَلَّ لَهُ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ مَا شَاءَ وَأَنْ يَسْتَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ قَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَنَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيًّا مِنْ الْمَغَانِمِ وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ذَلِكَ لَهُ دُونَهُمْ وَفَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ وَالْفِرَاقِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ أَنْ أُخَيِّرَ امْرَأَتِي عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ قَالَهُ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ إلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ»، وَكَذَلِكَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ وَافْتَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ وَنَشْهَدُ أَنْ قَدْ اتَّبَعَهُ فَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَحْيٌ فَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوَحْيِ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِ فِيهِ فَمَنْ قَبِلَ عَنْهُ فَإِنَّمَا قَبِلَ بِفَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وَقَالَ عَزَّ وَعَلَا {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

وَأُخْبِرْنَا عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ بِالْمَدِينَةِ فَاجْتَمَعَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبِينُ حَمْلٌ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كِتَابِهِ وَدِينِهِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَبَانَ فِي كِتَابِهِ فَالْفَرْضُ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ إلَّا بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَأَنَّهُ بَيَّنَ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَعَلَا مَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} وَقَالَ مِثْلَ هَذَا فِي غَيْرِ آيَةٍ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وَقَالَ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا تَرَكْت شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَلَا تَرَكْت شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ إلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ» (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا أُلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيه الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» وَمِثْلَ هَذَا إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ جُمْلَةً فِي كِتَابِهِ وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عَدَدِ الصَّلَاةِ وَمَوَاقِيتِهَا وَعَدَدِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَسُنَنِ الْحَجِّ وَمَا يَعْمَلُ الْمَرْءُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>