للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجْتَنِبُ وَأَيُّ الْمَالِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَكَمْ وَوَقْتُ مَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وَقَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فَلَوْ صِرْنَا إلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَطَعْنَا مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ زِنًا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَمَّا قَطَعَ النَّبِيُّ فِي رُبُعِ دِينَارٍ وَلَمْ يَقْطَعْ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَرَجَمَ الْحُرَّيْنِ الثَّيِّبَيْنِ وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا أَرَادَ بِالْقَطْعِ وَالْجَلْدِ بَعْضَ السُّرَّاقِ دُونَ بَعْضٍ وَبَعْضَ الزُّنَاةِ دُونَ بَعْضٍ وَمِثْلَ هَذَا لَا يُخَالِفُهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَلَمَّا مَسَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُفَّيْنِ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ إنَّمَا هُوَ عَلَى بَعْضِ الْمُتَوَضِّئِينَ دُونَ بَعْضٍ وَأَنَّ الْمَسْحَ لِمَنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ اسْتِدْلَالًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ لَا يَمْسَحُ وَالْفَرْضُ عَلَيْهِ غَسْلُ الْقَدَمِ كَمَا لَا يَدْرَأُ الْقَطْعَ عَنْ بَعْضِ السُّرَّاقِ وَجَلْدَ الْمِائَةِ عَنْ بَعْضِ الزُّنَاةِ وَالْفَرْضُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْلِدَ وَيَقْطَعَ، فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُرْوَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ سَبَقَ الْكِتَابُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَالْمَائِدَةُ نَزَلَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ الْمُثْبَتِ بِالْحِجَازِ فِي غُزَاةِ تَبُوكَ وَالْمَائِدَةُ قَبْلَهُ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ فَرْضَ وُضُوءٍ قَبْلَ الْوُضُوءِ الَّذِي مَسَحَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَرْضَ وُضُوءٍ بَعْدَهُ فَنُسِخَ الْمَسْحُ فَلْيَأْتِنَا بِفَرْضِ وُضُوءَيْنِ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ فَرْضَ الْوُضُوءِ إلَّا وَاحِدًا وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَسَحَ قَبْلُ يُفْرَضُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الصَّلَاةَ بِلَا وُضُوءٍ وَلَا نَعْلَمُهَا كَانَتْ قَطُّ إلَّا بِوُضُوءٍ فَأَيُّ كِتَابٍ سَبَقَ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ الْمَسْحَ كَمَا وَصَفْنَا مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ جَمِيعُ مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنْ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَغَيْرِهِمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا تَكُونُ سُنَّةٌ أَبَدًا تُخَالِفُ الْقُرْآنَ.

وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>