مُغِيرًا فِيهَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجْرِ حُكْمُهُ فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ يُقَسِّمَ فِيهَا غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِزْهُ وَمِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ جَيْشٌ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ مَدَدًا لَهُمْ شَارَكُوهُمْ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ وَمِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَوْ اسْتَنْقَذُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ ثُمَّ غَنِمَهُ جَيْشٌ آخَرُ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الْأَوَّلِينَ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَمَّا مَا ذَكَرَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَقْسِمُونَ مَغَانِمَهُمْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ يُقْبَلُ إلَّا عَنْ الرِّجَالِ الثِّقَاتِ فَعَمَّنْ هَذَا الْحَدِيثُ وَعَمَّنْ ذَكَرَهُ وَشَهِدَهُ وَعَمَّنْ رَوَى؟ وَنَقُولُ أَيْضًا إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَقَسْمُهُ جَائِزٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَمُولَةٌ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْمَغْنَمَ أَوْ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهَا أَوْ كَانَتْ عِلَّةً فَقَسَّمَ لَهَا الْمَغْنَمَ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ جَائِزٌ غَيْرَ أَنَّ أَحَبَّ ذَلِكَ إلَيْنَا وَأَفْضَلَهُ أَنْ لَا يُقَسِّمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ إلَيْهِ حَاجَةٌ حَتَّى يُخْرِجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ إنِّي قَدْ أَمْدَدْتُك بِقَوْمٍ فَمَنْ أَتَاك مِنْهُمْ قَبْلَ تَنْفُقُ الْقَتْلَى فَأَشْرِكْهُ فِي الْغَنِيمَةِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهَذَا يُعْلِمُ أَنَّهُمْ لَمْ يُحْرِزُوا ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ سُئِلَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ الْأَنْفَالِ فَقَالَ فِينَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنْزِلَتْ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} الْآيَةَ انْتَزَعَهُ مِنَّا حِينَ اخْتَلَفْنَا وَسَاءَتْ أَخْلَاقُنَا فَجَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْعَلُهُ حَيْثُ شَاءَ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ عِنْدَنَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحْرِزُوهُ وَيُخْرِجُوهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقَسِّمْ غَنَائِمَ بَدْرٍ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ فِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ سَهْمٍ فَقَالَا وَأَجْرُنَا فَقَالَ وَأَجْرُكُمَا وَلَمْ يَشْهَدَا وَقْعَةَ بَدْرٍ» أَشْيَاخُنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يُقَسِّمْ غَنِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ» قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقْضُونَ بِالْقَضَاءِ فَيُقَالُ لَهُمْ عَمَّنْ؟ فَيَقُولُونَ بِهَذَا جَرَتْ السُّنَّةُ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ قَضَى بِهِ عَامِلُ السُّوقِ أَوْ عَامِلٌ مَا مِنْ الْجِهَاتِ وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ عَلَى هَذَا كَانَتْ الْمَقَاسِمُ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهَلُمَّ جَرًّا غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَنَا الْكَلْبِيُّ مِنْ حَدِيثٍ رَفَعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ إلَى بَطْنِ نَخْلَةَ فَأَصَابَ هُنَالِكَ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيَّ وَأَصَابَ أَسِيرًا أَوْ اثْنَيْنِ وَأَصَابَ مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أُدْمٍ وَزَيْتٍ وَتِجَارَةٍ مِنْ تِجَارَةِ أَهْلِ الطَّائِفِ فَقَدِمَ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُقَسِّمْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْآيَةِ فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْنَمَ وَخَمَّسَهُ» مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ قِيلَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إنَّ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ بَاعَ غَنَمًا وَبَقَرًا أَصَابَهَا بِقَنْسَرِينَ نَحَلَهَا النَّاسَ وَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ مَا أَصَابُوا مِنْ الْمَغْنَمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَبِيعُونَهُ فَقَالَ مُعَاذٌ لِمَ شُرَحْبِيلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ مُحْتَاجِينَ إلَى لُحُومِهَا فَقَوُوا عَلَى خَلَّتِهَا فَلْيَبِيعُوهَا فَلْيَكُنْ ثَمَنُهَا فِي الْغَنِيمَةِ وَالْخُمُسِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُحْتَاجِينَ إلَى لُحُومِهَا فَلْتُقْسَمْ عَلَيْهِمْ فَيَأْكُلُونَهَا «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَابَ أَمْوَالَ أَهْلِ خَيْبَرَ وَفِيهَا الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ فَقَسَّمَهَا وَأَخَذَ الْخُمُسَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُطْعِمُ النَّاسَ مَا أَصَابُوا مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ إذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْقَوْلُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَا احْتَجَّ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute