للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا وَقُبِضَتْ وَسَقَطَتْ الزَّكَاةُ عَنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَوْ بَاعَ الرَّجُلُ صِنْفًا مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ حَوْلِهِ بِيَوْمٍ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ فِيهِ بِالْخِيَارِ يَوْمًا، فَاخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ بَعْدَ يَوْمٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ كَانَتْ فِي الْمَالِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مِلْكِهِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِنَقْصِ الزَّكَاةِ مِنْهُ، لَوْ اخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ الْحَوْلُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زَكَاةٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ تَمَّ قَبْلَ حَوْلِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا كُلُّ صِنْفٍ مِنْ الْمَالِ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ الصَّدَقَةُ فِيهِ وَبَعْدَهُ مِنْ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَمَاشِيَةٍ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَلَا عَلَيْهِ بِفَرْقٍ بَيْنَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا بَاعَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، أَوْ بَقَرًا بِغَنَمٍ، أَوْ بَقَرًا بِبَقَرٍ، أَوْ غَنَمًا بِغَنَمٍ، أَوْ إبِلًا بِإِبِلٍ، أَوْ غَنَمٍ فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَأَيُّ هَذَا بَاعَ قَبْلَ حَوْلِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي يَدِهِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ إذَا زَالَتْ عَيْنُ الْمَالِ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ الذَّهَبِ بِإِبِلٍ، أَوْ ذَهَبٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا نَخْلًا فِيهَا تَمْرٌ، أَوْ تَمْرًا دُونَ النَّخْلِ فَسَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا هِيَ فِي التَّمْرِ دُونَ النَّخْلِ، فَإِذَا مَلَكَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ بِأَنْ اشْتَرَاهَا بِالنَّخْلِ، أَوْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا مُنْفَرِدَةً شِرَاءً يَصِحُّ، أَوْ وُهِبَتْ لَهُ وَقَبَضَهَا، أَوْ أُقِرَّ لَهُ بِهَا، أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ، أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهَا، أَوْ أَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ صَحَّ لَهُ مِلْكُهَا بِهِ، فَإِذَا صَحَّ لَهُ مِلْكُهَا قَبْلَ أَنْ تُرَى فِيهَا الْحُمْرَةُ، أَوْ الصُّفْرَةُ، وَذَلِكَ الْوَقْتُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ بَيْعُهَا عَلَى أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يَبْلُغَ، فَالزَّكَاةُ عَلَى مَالِكِهَا الْآخَرِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ زَكَاتِهَا أَنْ تُرَى فِيهَا حُمْرَةٌ، أَوْ صُفْرَةٌ فَيَخْرُصُ ثُمَّ يُؤْخَذُ ذَلِكَ تَمْرًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَمَا رُئِيَتْ فِيهَا حُمْرَةٌ، أَوْ صُفْرَةٌ فَالزَّكَاةُ فِي التَّمْرِ مِنْ مَالِ مَالِكِهَا الْأَوَّلِ، لَوْ لَمْ يَمْلِكْ الزَّكَاةَ الْمَالِكُ الْآخَرُ خُرِصَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا، أَوْ لَمْ تُخْرَصْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي هَذَا فِي أَيِّ وَجْهٍ مَلَكَ بِهِ الثَّمَرَةَ بِحَالٍ فِي الزَّكَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ، هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَةَ بَعْدَمَا يَبْدُو صَلَاحُهَا فَيَكُونُ الْعُشْرُ فِي الثَّمَرَةِ لَا يَزُولُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ فِي الثَّمَرَةِ مَفْسُوخًا كَمَا يَكُونُ لَوْ بَاعَهُ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخَرُ لَيْسَ لَهُ مَفْسُوخًا وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ، لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ إذَا بَاعَهُ عَلَى تَرْكِ الثَّمَرَةِ أَنْ يَبِيعَهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَرَةِ إنْ كَانَتْ تُسْقَى بِعَيْنٍ، أَوْ كَانَتْ بَعْلًا وَتِسْعَةُ أَعْشَارِهَا وَنِصْفُ عُشْرِهَا إنْ كَانَتْ تُسْقَى بِغَرْبٍ وَيَبِيعُهُ جَمِيعَ مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ غَيْرُهُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، لَوْ تَعَدَّى الْمُصَدِّقُ فَأَخَذَ مِمَّا لَيْسَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَزَادَ فِيمَا فِيهِ الصَّدَقَةُ فَأَخَذَ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَكَانَتْ مَظْلِمَةً دَخَلَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ حَائِطٌ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَبَاعَ ثَمَرَهُ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ اثْنَيْنِ بَعْدَمَا يَبْدُو صَلَاحُهَا فَفِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا وَصَفْت فِي مَالِ الْبَائِعِ نَفْسِهِ، لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ اثْنَيْنِ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ كُلَّهَا أَخَذَ رَبُّ الْحَائِطِ بِالصَّدَقَةِ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا الْعُشْرَ، وَرَدَّ مَا بَقِيَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ لَمْ يُفْلِسْ الْبَائِعُ أَخَذَ بِعُشْرِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ هَلَاكِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>