للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي غُرَمَاءُ فَكَانَ ثَمَنُ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ الْعُشْرِ عَشَرَةً وَلَا يُوجَدُ مِثْلُهُ وَثَمَنُ عُشْرِ مِثْلِهِ عِشْرُونَ يَوْمَ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ نِصْفَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْعُشْرِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ، هُوَ لَهُ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَكَانَ لِوَلِيِّ الصَّدَقَةِ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا يَقُومُ مَقَامَ أَهْلِ السُّهْمَانِ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ بَاعَ رَبُّ الْحَائِطِ ثَمَرَتَهُ وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ رَجُلَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَاهَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا، فَإِنْ قَطَعَاهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ تَرَكَاهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا؛ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِنْ أَخَذَهُمَا رَبُّ الْحَائِطِ بِقَطْعِهَا فَسَخْنَا الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ فَيَمْنَعَ الزَّكَاةَ وَهِيَ حَقٌّ لِأَهْلِهَا وَلَا أَنْ تُؤْخَذَ بِحَالِهَا تِلْكَ وَلَيْسَتْ الْحَالَ الَّتِي أَخَذَهَا فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ثَمَرَةٌ فِي نَخْلَةٍ وَقَدْ شَرَطَ قَطْعَهَا وَلَا يَكُونُ فِي هَذَا الْبَيْعِ إلَّا فَسْخُهُ، لَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا حَتَّى تُجَدَّ فِي نَخْلَةٍ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِيَانِ لَمْ يَرْجِعَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقْبَضَهُمَا جَمِيعَ مَا بَاعَهُمَا مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَا عُشْرَ فِيهِ، وَعَلَيْهِمَا أَنْ يُزَكِّيَا بِمَا وَجَبَ مِنْ الْعُشْرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِيَانِ حَتَّى بَدَا صَلَاحُهَا فَرَضِيَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا وَلَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِيَانِ كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا): أَنْ يُجْبَرَا عَلَى تَرْكِهَا وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِمَا وَجَبَ فِيهَا مِنْ الصَّدَقَةِ (وَالثَّانِي): أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا الْقَطْعَ ثُمَّ صَارَتْ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا بِمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الصَّدَقَةِ فِيهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَوْ رَضِيَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ إقْرَارَهَا وَالْبَائِعُ وَلَمْ يَرْضَهُ الْآخَرُ جُبِرَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى إقْرَارِهَا وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ يُفْسَخُ نَصِيبُ الَّذِي لَمْ يَرْضَ وَيُقَرُّ نَصِيبُ الَّذِي رَضِيَ وَكَانَ كَرَجُلٍ اشْتَرَى نِصْفَ الثَّمَرَةِ وَإِذَا رَضِيَ إقْرَارَهَا ثُمَّ أَرَادَ قَطْعَهَا قَبْلَ الْجِدَادِ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطْعُهَا كُلِّهَا، وَلَا فَسْخَ لِلْبَيْعِ إذَا تَرَكَ رَدَّهُ مَرَّةً لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَهَا، وَكُلُّ هَذَا إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ مُشَاعًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَائِطٌ فِي ثَمَرِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَبَاعَ رَجُلًا مِنْهُ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ وَآخَرُ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ بَعْدَمَا يَبْدُو صَلَاحُهُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَاهَا فَقَطَعَا مِنْهَا شَيْئًا وَتَرَكَا شَيْئًا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا يَبْقَى خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْبَيْعُ فِيهِ كَمَا وَصَفْت فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَرَةِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ لَا يُفْسَخُ وَيُؤْخَذُ بِأَنْ يَقْطَعَهَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا لَهُمَا، وَإِنْ قَطَعَا الثَّمَرَةَ بَعْدَمَا يَبْدُو صَلَاحُهَا فَقَالَا: لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ أَيْمَانِهِمَا وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي هَذَا الْحَالِ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَيْءٍ أُخِذَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِيمَا طَرَحَ عَنْ نَفْسِهِ بِهِ الصَّدَقَةَ، أَوْ بَعْضَهَا إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ مَا قَالَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَمْرٍ يَطْرَحُ عَنْهُ الصَّدَقَةَ، أَوْ بَعْضَهَا وَأَقَرَّ بِمَا يُثْبِتُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةَ، أَوْ يَزِيدُهَا أَخَذْت بِقَوْلِهِ لِأَنِّي إنَّمَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ إذَا كَانَتْ كَمَا ادَّعَى فِيمَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِذَا أَكْذَبَهَا قَبِلْت قَوْلَهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ أَثْبَتَ عَلَيْهِ مِنْ بَيِّنَتِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْحَائِطُ لَمْ يُمْنَعْ قَطْعُ ثَمَرِهِ مِنْ حِينِ تَطْلُعُ إلَى أَنْ تُرَى فِيهِ الْحُمْرَةُ، فَإِذَا رُئِيَتْ فِيهِ الْحُمْرَةُ مُنِعَ قَطْعُهُ حَتَّى يُخْرَصَ، فَإِنْ قَطَعَهُ قَبْلُ يُخْرَصَ بَعْدَمَا يُرَى فِيهِ الْحُمْرَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا قَطَعَ مِنْهُ، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ كُلِّهِ مَعَ يَمِينِهِ، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ غَيْرُ قَوْلِهِ بِبَيِّنَةِ أَهْلِ مِصْرِهِ فَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَخَذْت بِبَيِّنَتِهِ، أَوْ قَوْلِهِ أُخِذَ بِتَمْرٍ وَسَطٍ سِوَى ثَمَرِ حَائِطِهِ حَتَّى يُسْتَوْفَى مِنْهُ عُشْرُهُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَمَنُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَهَذَا إنْ خُرِصَ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ أُخِذَ بِتَمْرٍ مِثْلِ وَسَطِ تَمْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>