للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحْتَاجُ إلَى السِّلَاحِ فِي وَقْتِهِ الَّذِي يُعْطَى فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ الَّذِينَ يُوجَدُ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رُدَّتْ حِصَّةُ مَنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى مَنْ وُجِدَ، كَأَنْ وُجِدَ فِيهِمْ فُقَرَاءُ وَمَسَاكِينُ وَغَارِمُونَ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ، فَقَسْمُ الثَّمَانِيَةِ الْأَسْهُمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَبَيَانُ هَذَا فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ فَأَهْلُ السُّهْمَانِ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ إلَى مَالِهِمْ مِنْهَا كُلُّهُمْ وَأَسْبَابُ حَاجَاتِهِمْ مُخْتَلِفَةٌ، وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ اسْتِحْقَاقِهِمْ بِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ يَجْمَعُهَا الْحَاجَةُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهَا صِفَاتُهَا، فَإِذَا اجْتَمَعُوا فَالْفُقَرَاءُ الزَّمْنَى الضُّعَفَاءُ الَّذِينَ لَا حِرْفَةَ لَهُمْ وَأَهْلُ الْحِرْفَةِ الضَّعِيفَةِ الَّذِينَ لَا تَقَعُ حِرْفَتُهُمْ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِمْ وَلَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ وَالْمَسَاكِينَ السُّؤَالَ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ مِمَّنْ لَهُ حِرْفَةٌ تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا وَلَا تُغْنِيهِ وَلَا عِيَالَهُ، فَإِنْ طَلَبَ الصَّدَقَةَ بِالْمَسْكَنَةِ رَجُلٌ جَلْدٌ فَعَلِمَ الْوَالِي أَنَّهُ صَحِيحٌ مُكْتَسِبٌ يُغْنِي عِيَالَهُ بِشَيْءٍ إنْ كَانَ لَهُ وَبِكَسْبِهِ إذْ لَا عِيَالَ لَهُ فَعَلِمَ الْوَالِي أَنَّهُ يُغْنِي نَفْسَهُ بِكَسْبِهِ غِنًى مَعْرُوفًا لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَإِنْ قَالَ السَّائِلُ لَهَا يَعْنِي الصَّدَقَةَ الْجَلَدُ لَسْت مُكْتَسِبًا، أَوْ أَنَا مُكْتَسِبٌ لَا يُغْنِينِي كَسْبِي، أَوْ لَا يُغْنِي عِيَالِي وَلِي عِيَالٌ وَلَيْسَ عِنْدَ الْوَالِي يَقِينٌ مِنْ أَنَّ مَا قَالَ عَلَى غَيْرِ مَا قَالَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُعْطِيهِ الْوَالِي، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَاهُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَصَعَّدَ فِيهِمَا وَصَوَّبَ وَقَالَ: إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ مُكْتَسِبٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدًا وَصِحَّةً يُشْبِهُ الِاكْتِسَابَ وَأَعْلَمَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا مَعَ الِاكْتِسَابِ الَّذِي يَسْتَغْنِيَانِ بِهِ أَنْ يَأْخُذَا مِنْهَا وَلَا يَعْلَمُ أَمُكْتَسِبَانِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: إنْ شِئْتُمَا بَعْدَ أَنْ أَعْلَمْتُكُمَا أَنْ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا مُكْتَسِبٍ فَعَلْت، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يَقُولَانِ: أَعْطِنَا، فَإِنَّا ذَوَا حَظٍّ؛ لِأَنَّا لَسْنَا غَنِيَّيْنِ وَلَا مُكْتَسِبَيْنِ كَسْبًا يُغْنِي، أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَيْحَانَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: " لَا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ ".

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَرُفِعَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ. وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا مَنْ وَلَّاهُ الْوَالِي قَبْضَهَا وَقَسْمَهَا مِنْ أَهْلِهَا كَانَ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَعَانَ الْوَالِيَ عَلَى جَمْعِهَا وَقَبْضِهَا مِنْ الْعُرَفَاءِ وَمَنْ لَا غِنَى لِلْوَالِي عَنْهُ وَلَا يُصْلِحُهَا إلَّا مَكَانُهُ، فَأَمَّا رَبُّ الْمَاشِيَةِ يَسُوقُهَا فَلَيْسَ مِنْ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ يَلْزَمُ رَبَّ الْمَاشِيَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَعَانَ الْوَالِيَ عَلَيْهَا مِمَّنْ بِالْوَالِي الْغِنَى عَنْ مَعُونَتِهِ فَلَيْسَ مِنْ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا الَّذِينَ لَهُمْ فِيهَا حَقٌّ، وَالْخَلِيفَةُ وَوَالِي الْإِقْلِيمِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَلِي قَبْضَ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا الْقَائِمِينَ بِالْأَمْرِ بِأَخْذِهَا فَلَيْسَا عِنْدَنَا مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمَا لَا يَلِيَانِ أَخْذَهَا، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ شَرِبَ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ لِلَّذِي سَقَاهُ: " مِنْ أَيْنَ لَك هَذَا اللَّبَنُ؟ " فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَاءٍ قَدْ سَمَّاهُ، فَإِذَا بِنَعَمٍ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَهُمْ يَسْتَقُونَ فَحَلَبُوا لِي مِنْ لَبَنِهَا فَجَعَلْته فِي سِقَائِي فَهُوَ هَذَا، فَأَدْخَلَ عُمَرُ إصْبَعَهُ فَاسْتَقَاءَهُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْعَامِلِ عَلَيْهِ، أَوْ الْغَارِمِ، أَوْ الرَّجُلِ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ الرَّجُلِ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتُصُدِّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى

<<  <  ج: ص:  >  >>