للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ ذَكَرٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ يُنَجِّسُهُ وَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ أَصَابَهُ غَسَلَهُ وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُ غَسَلَ الثَّوْبَ كُلَّهُ وَإِنْ عَرَفَ الْمَوْضِعَ وَلَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ ذَلِكَ غَسَلَ الْمَوْضِعَ وَأَكْثَرَ مِنْهُ إنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ عَالِمًا، أَوْ جَاهِلًا فَسَوَاءٌ إلَّا فِي الْمَأْثَمِ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِالْعِلْمِ وَلَا يَأْثَمُ فِي الْجَهْلِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتِهِ وَمَتَى قُلْت يُعِيدُ فَهُوَ يُعِيدُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو إذَا صَلَّى أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ مُجْزِئَةً عَنْهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيمَا أَجْزَأَ عَنْهُ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ، أَوْ لَا تَكُونُ مُجْزِئَةً عَنْهُ بِأَنْ تَكُونَ فَاسِدَةً وَحُكْمُ مَنْ صَلَّى صَلَاةً فَاسِدَةً حُكْمُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَيُعِيدُ فِي الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنَّمَا قُلْت فِي الْمَنِيِّ إنَّهُ لَا يَكُونُ نَجِسًا خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعْقُولًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا الْخَبَرُ؟ قُلْت أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَوْ الْأَسْوَدِ " شَكَّ الرَّبِيعُ " عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ» (قَالَ الرَّبِيعُ) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ كِلَاهُمَا يُخْبِرُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَمِطْهُ عَنْكَ قَالَ أَحَدُهُمَا بِعُودٍ، أَوْ إذْخِرَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبُصَاقِ، أَوْ الْمُخَاطِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَصَابَ ثَوْبَهُ الْمَنِيُّ إنْ كَانَ رَطْبًا مَسَحَهُ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا حَتَّهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا الْمَعْقُولُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَدَأَ خَلْقَ آدَمَ مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ وَجَعَلَهُمَا جَمِيعًا طَهَارَةً، الْمَاءُ، وَالطِّينُ فِي حَالِ الْإِعْوَازِ مِنْ الْمَاءِ طَهَارَةٌ، وَهَذَا أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي خَلْقٍ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا وَغَيْرَ نَجِسٍ وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَنِي آدَمَ مِنْ الْمَاءِ الدَّافِقِ فَكَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَعَزَّ وَأَجَلَّ مِنْ أَنْ يَبْتَدِئَ خَلْقًا مِنْ نَجَسٍ مَعَ مَا وَصَفْت مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَبَرُ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَعَ مَا وَصَفْت مِمَّا يُدْرِكُهُ الْعَقْلُ مِنْ أَنَّ رِيحَهُ وَخَلْقَهُ مُبَايِنٌ خَلْقَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرٍ وَرِيحِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اغْسِلْ مَا رَأَيْت وَانْضَحْ مَا لَمْ تَرَ فَكُنَّا نَغْسِلُهُ بِغَيْرِ أَنْ نَرَاهُ نَجِسًا وَنَغْسِلُ الْوَسَخَ وَالْعَرَقَ وَمَا لَا نَرَاهُ نَجِسًا وَلَوْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّهُ نَجِسٌ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِ أَحَدٍ حُجَّةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ مَا وَصَفْنَا مِمَّا سِوَى مَا وَصَفْنَا مِنْ الْمَعْقُولِ وَقَوْلِ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ مِنْهُ قُلْنَا: الْغُسْلُ لَيْسَ مِنْ نَجَاسَةِ مَا يَخْرُجُ إنَّمَا الْغُسْلُ شَيْءٌ تَعَبَّدَ اللَّهُ بِهِ الْخَلْقَ - عَزَّ وَجَلَّ - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ أَرَأَيْت الرَّجُلَ إذَا غَيَّبَ ذَكَرَهُ فِي الْفَرْجِ الْحَلَالِ وَلَمْ يَأْتِ مِنْهُ مَاءٌ فَأَوْجَبْت عَلَيْهِ الْغُسْلَ، وَلَيْسَتْ فِي الْفَرْجِ نَجَاسَةٌ وَإِنْ غَيَّبَ ذَكَرَهُ فِي دَمِ خِنْزِيرٍ، أَوْ خَمْرٍ، أَوْ عَذِرَةٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ نَجِسٌ أَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا قِيلَ: فَالْغُسْلُ إنْ كَانَ إنَّمَا يَجِبُ مِنْ نَجَاسَةٍ كَانَ هَذَا أَوْلَى أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ مِنْ الَّذِي غَيَّبَهُ فِي حَلَالٍ نَظِيفٍ وَلَوْ كَانَ يَكُونُ لِقَذَرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَانَ الْخَلَاءُ وَالْبَوْلُ أَقْذَرَ مِنْهُ ثُمَّ لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلُ مَوْضِعِهِمَا الَّذِي خَرَجَا مِنْهُ وَيَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْحُ بِالْحِجَارَةِ وَلَا يُجْزِئُهُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ إلَّا الْمَاءُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ غَسْلُ فَخِذَيْهِ وَلَا أَلْيَتَيْهِ سِوَى مَا سَمَّيْت وَلَوْ كَانَ كَثْرَةُ الْمَاءِ إنَّمَا تَجِبُ لِقَذَرِ مَا يَخْرُجُ كَانَ هَذَانِ أَقْذَرَ وَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى صَاحِبِهِمَا الْغُسْلُ مَرَّاتٍ وَكَانَ مَخْرَجُهُمَا أَوْلَى بِالْغُسْلِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يَخْرُجَا مِنْهُ وَلَكِنْ إنَّمَا أُمِرْنَا بِالْوُضُوءِ لِمَعْنَى تَعَبُّدٍ ابْتَلَى اللَّهُ بِهِ طَاعَةَ الْعِبَادِ لِيَنْظُرَ مَنْ يُطِيعُهُ مِنْهُمْ وَمَنْ يَعْصِيهِ لَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>