قَذَرِ وَلَا نَظَافَةِ مَا يَخْرُجُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قُلْنَا: هَذَا إنْ جَعَلْنَاهُ ثَابِتًا فَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِقَوْلِهَا كُنْت أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ كَمَا لَا يَكُونُ غُسْلُهُ قَدَمَيْهِ عُمْرَهُ خِلَافًا لِمَسْحِهِ عَلَى خُفَّيْهِ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَسَحَ عَلِمْنَا أَنَّهُ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِالْمَسْحِ وَتُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِالْغُسْلِ وَكَذَلِكَ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِحَتِّهِ وَتُجْزِئُ الصَّلَاةُ بِغُسْلِهِ لَا أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا خِلَافُ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْ عَائِشَةَ هُمْ يَخَافُونَ فِيهِ غَلَطَ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ إنَّمَا هُوَ رَأْيُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ كَذَا حَفِظَهُ عَنْهُ الْحُفَّاظُ أَنَّهُ قَالَ غُسْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَسْمَعْ سُلَيْمَانُ عَلِمْنَاهُ مِنْ عَائِشَةَ حَرْفًا قَطُّ وَلَوْ رَوَاهُ عَنْهَا كَانَ مُرْسَلًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا اسْتَيْقَنَ الرَّجُلُ أَنْ قَدْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ ثَوْبًا لَهُ فَصَلَّى فِيهِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَسْتَيْقِنُ شَيْئًا أَنْ يُصَلِّيَ مَا اسْتَيْقَنَ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَيْقِنُ تَأَخَّى حَتَّى يُصَلِّيَ مَا يَرَى أَنَّهُ قَدْ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وَفِي ثَوْبِهِ النَّجَسُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ شَيْءٍ إلَّا مَا اسْتَيْقَنَ وَالْفُتْيَا وَالِاخْتِيَارُ لَهُ كَمَا وَصَفْت وَالثَّوْبُ وَالْجَسَدُ سَوَاءٌ يُنَجِّسُهُمَا مَا أَصَابَهُمَا
وَالْخُفُّ وَالنَّعْلُ ثَوْبَانِ فَإِذَا صَلَّى فِيهِمَا وَقَدْ أَصَابَتْهُمَا نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ وَلَمْ يَغْسِلْهَا أَعَادَ فَإِذَا أَصَابَتْهُمَا نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ لَا رُطُوبَةَ فِيهَا فَحَكَّهُمَا حَتَّى نَظُفَا وَزَالَتْ النَّجَاسَةُ عَنْهُمَا صَلَّى فِيهِمَا
فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ فِي سَفَرٍ لَا يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا قَلِيلًا فَأَصَابَ ثَوْبَهُ نَجَسٌ غَسَلَ النَّجَسَ وَتَيَمَّمَ إنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَغْسِلُ النَّجَاسَةَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ إذَا لَمْ يَغْسِلْ النَّجَاسَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْأَنْجَاسَ لَا يُزِيلُهَا إلَّا الْمَاءُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ طَهَّرَهُ التُّرَابُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَمِنْ الْحَدَثِ وَلَمْ يَطْهُرْ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ الَّتِي مَاسَّتْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِ أَعْضَائِهِ قُلْنَا: إنَّ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ مِنْ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ لَيْسَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ نَجَسٌ وَلَكِنَّ الْمُسْلِمَ مُتَعَبِّدٌ بِهِمَا وَجُعِلَ التُّرَابُ بَدَلًا لِلطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ تَعَبُّدٌ وَلَمْ يُجْعَلْ بَدَلًا فِي النَّجَاسَةِ الَّتِي غُسْلُهَا لِمَعْنًى لَا تَعَبُّدًا إنَّمَا مَعْنَاهَا أَنْ تُزَالَ بِالْمَاءِ لَيْسَ أَنَّهَا تَعَبُّدٌ بِلَا مَعْنًى
وَلَوْ أَصَابَتْ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً لِغُسْلِهِ صَلَّى عُرْيَانًا وَلَا يُعِيدُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ بِحَالٍ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْإِعْوَازِ مِنْ الثَّوْبِ الطَّاهِرِ عُرْيَانًا
(قَالَ): وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ الْمَاءُ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْوُضُوءَ بِهِ إنَّمَا يَزِيدُهُ نَجَاسَةً
وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ مَاءَانِ أَحَدُهُمَا نَجِسٌ وَالْآخَرُ طَاهِرٌ وَلَا يَخْلُصُ النَّجِسُ مِنْ الطَّاهِرِ تَأَخَّى وَتَوَضَّأَ بِأَحَدِهِمَا وَكَفَّ عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ الْآخَرِ وَشُرْبِهِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى شُرْبِهِ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِهِ شَرِبَهُ وَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى الْوُضُوءِ بِهِ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وِزْرٌ وَيَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ فِي خَوْفِ الْمَوْتِ ضَرُورَةٌ فَيَشْرَبُهُ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ
وَلَوْ كَانَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ فَتَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ، أَوْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ فَمَسَّ مَاءً نَجِسًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَإِنْ صَلَّى كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَ مَا مَاسَّ ذَلِكَ الْمَاءُ مِنْ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute