كَمَا يَصْلُحُ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ مُتَفَاضِلًا.:
وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً، وَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَجَازَ الْفَضْلُ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ جُزَافًا بِجُزَافٍ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْجُزَافِ أَنْ يَكُونَ مُتَفَاضِلًا وَالتَّفَاضُلُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ فَكَانَ لِلْآدَمِيِّينَ فِيهِ صَنْعَةٌ يَسْتَخْرِجُونَ بِهَا مِنْ الْأَصْلِ شَيْئًا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمٌ دُونَ اسْمٍ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَثُرَتْ الصَّنْعَةُ فِيهِ، كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ إلَى دَنَانِيرَ فَجَعَلَهَا طَسْتًا أَوْ قُبَّةً أَوْ حُلِيًّا مَا كَانَ لَمْ تَجُزْ بِالدَّنَانِيرِ أَبَدًا إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَكَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمَدَ إلَى تَمْرٍ فَحَشَاهُ فِي شَنٍّ أَوْ جَرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا نَزَعَ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْزِعْهُ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُبَاعَ بِالتَّمْرِ وَزْنًا بِوَزْنٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُمَا الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ بِالْوَزْنِ قَدْ يَخْتَلِفُ فِي أَصْلِ الْكَيْلِ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ حِنْطَةٌ بِدَقِيقٍ.:
؛ لِأَنَّ الدَّقِيقَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَقَدْ يَخْرُجُ مِنْ الْحِنْطَةِ مِنْ الدَّقِيقِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الدَّقِيقِ الَّذِي بِيعَ بِهَا وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا بِمَعْلُومٍ مِنْ صِنْفٍ فِيهِ الرِّبَا، وَكَذَلِكَ حِنْطَةٌ بِسَوِيقٍ.:
وَكَذَلِكَ حِنْطَةٌ بِخُبْزٍ، وَكَذَلِكَ حِنْطَةٌ بِفَالُوذَجٍ إنْ كَانَ نَشَا سععه مِنْ حِنْطَةٍ وَكَذَلِكَ دُهْنُ سِمْسِمٍ بِسِمْسِمٍ وَزَيْتٌ بِزَيْتُونٍ لَا يَصْلُحُ هَذَا لِمَا وَصَفْت، وَكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ التَّمْرُ الْمَنْثُورُ بِالتَّمْرِ الْمَكْبُوسِ.:
؛ لِأَنَّ أَصْلَ التَّمْرِ الْكَيْلُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا بِعْت شَيْئًا مِنْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ أَوْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ بِشَيْءٍ مِنْ صِنْفِهِ فَلَا يَصْلُحُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَأَنْ يَكُونَ مَا بِعْت مِنْهُ صِنْفًا وَاحِدًا جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا، وَيَكُونُ مَا اشْتَرَيْت مِنْهُ صِنْفًا وَاحِدًا، وَلَا يُبَالِي أَنْ يَكُونَ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِمَّا اشْتَرَيْته بِهِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَأْخُذَ خَمْسِينَ دِينَارًا مَرْوَانِيَّةً وَخَمْسِينَ حَدَبًا بِمِائَةٍ هَاشِمِيَّةً وَلَا بِمِائَةٍ غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ لَا خَيْرَ فِي أَنْ يَأْخُذَ صَاعَ بَرْدِيٍّ وَصَاعَ لَوْنٍ بِصَاعَيْ صَيْحَانِيٍّ وَإِنَّمَا كَرِهْت هَذَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَيَكُونُ ثَمَنُ صَاعِ الْبَرْدِيِّ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ، وَثَمَنُ صَاعِ اللَّوْنِ دِينَارًا، وَثَمَنُ صَاعِ الصَّيْحَانِيِّ يَسْوَى دِينَارَيْنِ، فَيَكُونُ صَاعُ الْبَرْدِيِّ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ صَاعَيْ الصَّيْحَانِيِّ وَذَلِكَ صَاعٌ وَنِصْفٌ وَصَاعُ اللَّوْنِ بِرُبْعِ صَاعَيْ الصَّيْحَانِيِّ وَذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ صَيْحَانِيٍّ فَيَكُونُ هَذَا التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا، وَهَكَذَا هَذَا فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَكُلِّ مَا كَانَ فِيهِ الرِّبَا فِي التَّفَاضُلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ يَكُونُ رَطْبًا ثُمَّ يَيْبَسُ فَلَا يَصْلُحُ مِنْهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْهُ» فَنَظَرَ فِي الْمُعْتَقَبِ فَكَذَلِكَ نَنْظُرُ فِي الْمُعْتَقَبِ فَلَا يَجُوزُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا تَيَبَّسَا اخْتَلَفَ نَقْصُهُمَا فَكَانَتْ فِيهِمَا الزِّيَادَةُ فِي الْمُعْتَقَبِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَأْكُولٍ لَا يَيْبَسُ إذَا كَانَ مِمَّا يَيْبَسُ فَلَا خَيْرَ فِي رُطَبٍ مِنْهُ بِرُطَبٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنًا بِوَزْنٍ وَلَا عَدَدًا بِعَدَدٍ، وَلَا خَيْرَ فِي أُتْرُجَّةٍ بِأُتْرُجَّةٍ وَلَا بِطِّيخَةٍ بِبِطِّيخَةٍ وَزْنًا وَلَا كَيْلًا وَلَا عَدَدًا، فَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَلَا بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً، وَلَا بَأْسَ بِأُتْرُجَّةٍ بِبِطِّيخَةٍ وَعَشْرِ بِطِّيخَاتٍ وَكَذَلِكَ مَا سِوَاهُمَا، فَإِذَا كَانَ مِنْ الرُّطَبِ شَيْءٌ لَا يَيْبَسُ بِنَفْسِهِ أَبَدًا مِثْلُ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَاللَّبَنِ فَلَا بَأْسَ بِبَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، إنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ فَوَزْنًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ فَكَيْلًا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَفَاضُلَ فِيهِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الصِّنْفَانِ، وَلَا خَيْرَ فِي التَّمْرِ بِالتَّمْرِ حَتَّى يَكُونَ يَنْتَهِي يُبْسُهُ، وَإِنْ انْتَهَى يُبْسُهُ إلَّا أَنَّ بَعْضَهُ أَشَدُّ انْتِفَاخًا مِنْ بَعْضٍ فَلَا يَضُرُّهُ إذَا انْتَهَى يُبْسُهُ كَيْلًا بِكَيْلٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ مِنْهُ شَيْءٌ مَغِيبٌ مِثْلُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَمَا يَكُونُ مَأْكُولُهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute