أَنَّ لَهَا اسْمًا غَيْرَ الْبَيْعِ؟ قُلْنَا: قَدْ يَكُونُ لِلْبُيُوعِ أَسْمَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ تُعْرَفُ دُونَ الْبُيُوعِ وَالْبُيُوعُ تَجْمَعُهَا مِثْلَ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ يُعْرَفَانِ بِلَا اسْمِ بَيْعٍ، وَهُمَا مِنْ الْبُيُوعِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَك قَالَ: فَكَيْفَ يَقَعُ الْبَيْعُ مَغِيبًا لَعَلَّهُ لَا يَتِمُّ قُلْنَا أَوْ لَيْسَ قَدْ نُوقِعُ نَحْنُ وَأَنْتَ الْبَيْعَ عَلَى الْمَغِيبِ إلَى الْمُدَّةِ الْبَعِيدَةِ فِي السَّلَمِ وَنُوقِعُهَا أَيْضًا عَلَى الرُّطَبِ بِكَيْلٍ وَالرُّطَبُ قَدْ يَنْفَدُ ثُمَّ تُخَيِّرُ أَنْتَ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى يَنْفَدَ فِي رَدِّهِ إلَى رَأْسِ مَالِهِ وَأَنْ تَتْرُكَ إلَى رُطَبٍ قَابِلٍ فَإِمَّا أَخَّرَ مَالَهُ عَنْ غَلَّةِ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ أُخْرَى وَإِمَّا رَجَعَ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ بَعْدَ حَبْسِهِ، وَقَدْ كَانَ يَمْلِكُ بِهِ رُطَبًا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ فَلَمْ يَقْبِضْ مَا مَلَكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ؟
قَالَ: هَذَا كُلُّهُ مَضْمُونٌ قُلْنَا: أَوَلَسْت قَدْ جَعَلَتْهُ مَضْمُونًا ثُمَّ صِرْت إلَى أَنْ تَحْكُمَ بِهِ فِي الْمَضْمُونِ بِأَحَدِ حُكْمَيْنِ تُخَيِّرُهُ أَنْتَ فِي أَنْ يَرُدَّ رَأْسَ الْمَالِ وَتُبْطِلُ مَا وَجَبَ لَهُ وَضَمِنَ الرُّطَبَ بَعْدَمَا انْتَفَعَ بِهِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ الْمُسَلِّمُ، وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَ مَالَهُ عَنْ غَلَّةِ سَنَةٍ بِلَا طِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ إلَى سَنَةٍ أُخْرَى فَقَالَ هَذَا كُلُّهُ كَمَا قُلْت، وَلَكِنِّي لَا أَجِدُ غَيْرَهُ فِيهِ قُلْت: فَإِذَا كَانَ قَوْلُك لَا أَجِدُ غَيْرَهُ فِيهِ حُجَّةً فَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ لَنَا الَّذِي هُوَ أَوْضَحُ وَأَبْيَنُ وَنَحْنُ لَا نَجِدُ فِيهِ غَيْرَهُ حُجَّةً؟ قَالَ وَمَا ذَاكَ؟ قُلْنَا زَعَمْنَا أَنَّ الْبُيُوعَ تَجُوزُ وَيَحِلُّ ثَمَنُهَا مَقْبُوضًا وَأَنَّ الْقَبْضَ مُخْتَلِفٌ، فَمِنْهُ مَا يُقْبَضُ بِالْيَدِ وَمِنْهُ مَا يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمِفْتَاحُ وَذَلِكَ فِي الدُّورِ وَمِنْهُ مَا يُخَلَّى الْمَالِكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ لَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقْبِضُهُ بِيَدِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَرْضِ الْمَحْدُودَةِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُشَاعٌ فِي الْأَرْضِ لَا يُدْرَى أَشَرْقِيُّهَا هُوَ أَمْ غَرْبِيُّهَا؟ غَيْرَ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي كُلِّهَا وَمِنْهُ مَا هُوَ مُشَاعٌ فِي الْعَبْدِ لَا يَنْفَصِلُ أَبَدًا وَكُلُّ هَذَا يُقَالُ لَهُ دَفْعٌ يُقْبَضُ بِهِ الثَّمَنُ وَيَجِبُ دَفْعُهُ وَيَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ، وَهُوَ قَبْضٌ مُخْتَلِفٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ مَعَ اخْتِلَافِهِ غَيْرَ هَذَا.
فَلَوْ قَالَ لَك مُشْتَرِي نِصْفَ الْعَبْدِ: الْبَيْعُ يَتِمُّ مَقْبُوضًا وَالْقَبْضُ مَا يَكُونُ مُنْفَصِلًا مَعْرُوفًا وَلَيْسَ يَكُونُ فِي نِصْفِ الْعَبْد قَبْضٌ فَأَنَا أَنْقُضُ الْبَيْعَ قُلْت: الْقَبْضُ يَخْتَلِفُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَ نِصْفِ الْعَبْدِ حَائِلٌ وَسَلَّمَهُ إلَيْك فَهَذَا الْقَبْضُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ غَيْرُهُ فِي هَذَا وَمِنْ الدَّفْعِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ غَيْرُهُ، فَقَدْ وَجَبَ لَهُ الثَّمَنُ فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي فِي الْعَبْدِ بِالْإِجَارَةِ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهَا إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ، أَوْ الْمَسْكَنَ، فَإِذَا دَفَعْت كَمَا لَا يُسْتَطَاعُ غَيْرُهُ فَلِمَ لَا يَجِبُ مَا تَمْلِكُ بِهِ الْمَنْفَعَةَ؟ مَا بَيْنَ هَذَا فَرْقٌ وَقَبْضُ الْإِجَارَةِ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الَّذِي فِيهِ الْإِجَارَةُ وَسَلَامَتُهُ، فَإِذَا دَفَعَ الدَّارَ وَسَلِمَتْ فَلَهُ سُكْنَاهَا إلَى الْمُدَّةِ، وَإِذَا دَفَعَ الْعَبْدَ وَسَلِمَ فَلَهُ خِدْمَتُهُ إلَى مُدَّةِ شَرْطِهِ وَخِدْمَتِهِ حَرَكَةً يُحْدِثُهَا الْعَبْدُ وَلَيْسَتْ فِي الدَّارِ حَرَكَةٌ تُحْدِثُهَا إنَّمَا مَنْفَعَتُهُ فِيهَا مَحَلِّيَّتُهُ إيَّاهَا، وَلَا يُسْتَطَاعُ أَبَدًا فِي دَفْعِ مَا مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ غَيْرَ تَسْلِيمِ مَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ وَسَلَامَةُ مَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ حَتَّى تَتِمَّ الْمَنْفَعَةُ إلَى مُدَّتِهَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَذَا لَيْسَ كَدَفْعِ الْأَعْيَانِ الْأَعْيَانَ بِدَفْعٍ يُرَى، وَهَذَا بِدَفْعٍ لَا يُرَى، قِيلَ: وَمَا يَخْتَلِفُ دَفْعُ الْأَعْيَانِ فِيهِ فَتَكُونُ عَيْنًا أَشْتَرِيهَا بِعَيْنِهَا عِنْدَك وَنِصْفٌ لِي فَإِذَا رَأَيْتهَا كُنْت بِالْخِيَارِ، وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَ تَبَايُعِنَا عَيْنًا مَضْمُونَةً كَالسَّلَمِ مَضْمُونًا وَيَكُونُ السَّلَمُ بِالصِّفَةِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَيَجِبُ ثَمَنُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لَا عَيْنٌ، فَإِذَا أَرَادَ الْمُسَلِّمُ نَقْضَ الْبَيْعِ، أَوْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ جَاءَ بِهِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فَقَالَ الْمُسَلِّمُ: لَا أَرْضَى، قُلْت لَهُ: لَيْسَ ذَلِكَ لَك إذَا جَاءَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي شُرِطَتْ لَمْ يَكُنْ لَك خِيَارٌ قَالَ بَلَى قَدْ يَفْعَلُ هَذَا كُلَّهُ، وَلَكِنَّ الْإِجَارَاتِ مَغِيبَةٌ قُلْنَا مَغِيبَةٌ مَعْقُولَةٌ كَالسَّلَمِ مَغِيبٌ مَوْصُوفٌ، قَالَ: هُوَ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ يَصِيرُ إلَى أَنْ يَكُونَ عَيْنًا، قُلْت: يَكُونُ عَيْنًا، وَهُوَ لَمْ يُرَ فَلَا يَكُونُ فِيهَا خِيَارٌ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تُرَ، قَالَ: فَهِيَ عَلَى الصِّفَةِ، قُلْنَا: وَلِمَ لَا تَجْعَلُ مَا اُشْتُرِيَ، وَلَمْ يُرَ مِنْ غَيْرِ السَّلَمِ، وَقَدْ وُصِفَ كَمَا وُصِفَ السَّلَمُ إذَا جَاءَ عَلَى الصِّفَةِ يَلْزَمُ كَمَا يَلْزَمُ السَّلَمُ؟ قَالَ: الْبُيُوعُ قَدْ تَخْتَلِفُ، قُلْنَا: فَنَرَاك تُجِيزُهَا مَعَ اخْتِلَافِهَا لِنَفْسِك وَتُرِيدُ أَنْ لَا تُجِيزَهَا مَعَ اخْتِلَافِهَا لَنَا قَالَ: إنِّي وَإِنْ أَجَزْتهَا فَهِيَ صَائِرَةٌ عَيْنًا، قُلْنَا: الصِّفَةُ فِي السَّلَمِ قَبْلَ يَكُونُ الشِّرَاءُ مَغِيبَةٌ مَوْصُوفٌ بِهَا شَيْءٌ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ مِنْ ثِيَابٍ وَطَعَامٍ قَالَ: وَلَكِنَّهَا تَقَعُ عَلَى عَيْنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute