ابن عم رسول الله ﷺ، ويدعونا إلى كتاب الله. قال: فقالوا: ننقم عليه ثلاث خلال: إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله، وما للرجال ولحكم الله، والثانية: أنه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فإن كان قد حل قتالهم فقد حل سبيهم، وإلا فلا، والثالثة: محا نفسه من "أمير المؤمنين"، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير المشركين. قلت: هل غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.
قلت: أرأيتم إن خرجت لكم من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟ قالوا: وما يمنعنا، قلت: أما قولكم أما قولكم إنه حكم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله تعالى يقول في كتابه: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُم﴾ [المائدة: ٩٥]، وذلك في ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحكم، وقال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٣٥]، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم: قاتل فلم يسب، فغنه قاتل أمكم؛ لأن الله يقول: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم﴾ [الأحزاب: ٦]، فإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها أمكم فما حل سباؤها، فأنتم بين ضلالتين، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم: إنه محا اسمه من أمير المؤمنين، فإني أنبئكم عن ذلك: أما تعلمون أن رسول الله ﷺ يوم الحديبية جرى الكتاب بينه وبين سهيل بن عمرو، فقال:"يا علي اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ﷺ"، فقالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال:"اللهم إنك تعلم أني رسولك"، ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال:"يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله"، فوالله ما أخرجه ذلك من النبوة، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.
قال: فرجع ثلثهم، وانصرف ثلثهم، وقتل سائرهم على ضلالة.
قال عوف: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: "تفترق أمتي فرقتين، تمرق بينهما مارقة تقتلهم أولى الطائفتين بالحق"(١). وكذا رواه قتادة، وسليمان التيمي، عن أبي نضرة.