للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣٠٨ - ملك المغرب (١):

أبو بكر بن عمر اللمتوني البربري.

ظهر بعد الأربعين وأربع مائة، فذكر علي بن أبي فنون قاضي مراكش أن جوهرًا رجلًا من المرابطين قدم من الصحراء إلى بلاد المغرب ليحج والصحراء برية واسعة جنوبي فاس وتلمسان متصلة بأرض السودان ويذكر لمتونة أنهم من حمير نزلوا في الجاهلية بهذه البراري وأول ما فشا فيهم الإسلام في حدود سنة أربع مائة ثم آمن سائرهم وسار إليهم من يذكر لهم جملًا من الشريعة فحسن إسلامهم ثم حج الفقيه المذكور وكان دينًا خيرًا فمر بفقيه يقرئ مذهب مالك ولعله أبو عمران الفاسي بالقيروان فجالسه وحج ورجع إليه ثم قال: يا فقيه! ما عندنا في الصحراء من العلم إلَّا الشهادتين والصلاة في بعضنا. قال: خذ معك من يعلمهم الدين. قال جوهر: نعم وعلي كرامته. فقال لابن أخيه: يا عمر! اذهب مع هذا. فامتنع فقال لعبد الله بن ياسين: اذهب معه. فأرسله. وكان عالمًا قوي النفس فأتيا لمتونة فأخذ جوهر بزمام جمل ابن ياسين تعظيمًا له فأقبلت المشيخة يهنئونه بالسلامة وقالوا: من ذا? قال: حامل السنة. فأكرموه وفيهم أبو بكر بن عمر فذكر لهم قواعد الإسلام وفهمهم فقالوا: أما الصلاة والزكاة فقريب وأما من قتل يقتل ومن سرق يقطع ومن زنى يجلد فلا نلتزمه فاذهب فأخذ جوهر بزمام راحلته ومضيا. وفي تلك الصحارى المتصلة بإقليم السودان قبائل ينسبون إلى حمير ويذكرون أن أجدادهم خرجوا من اليمن زمن الصديق فأتوا مصر ثم غزوا المغرب مع موسى بن نصير ثم أحبوا الصحراء وهم: لمتونة وجدالة ولمطة وإينيصر ومسوفة. قال: فانتهيا إلى جدالة قبيلة جوهر فاستجاب بعضهم فقال ابن ياسين للذين أطاعوه: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الجاحدين وقد تحزبوا لكم فانصبوا رايةً وأميرًا. قال جوهر: فأنت أميرنا. قال: لا أنا حامل أمانة الشرع بل أنت الأمير. قال: لو فعلت لتسلطت قبيلتي وعاثوا. قال: فهذا أبو بكر بن عمر رأس لمتونة فسر إليه واعرض عليه الأمر إلى أن قال: فبايعوا أبا بكر ولقبوه: أمير المسلمين وقام معه طائفة من قومه وطائفة من جدالة، وحرضهم ابن ياسين على


(١) ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "٧/ ١١٣"، والأعلام للزركلي "٢/ ٦٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>