الإمام الحافظ المجود، الحجة الناقد، محدث الأندلس، أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني، الأندلسي، الجياني، صاحب كتاب "تقييد المهمل".
مولده في المحرم، سنة سبع وعشرين وأربع مائة.
حدث عن: حكم بن محمد الجذامي، -وهو أعلى شيخ له-، وحاتم ابن محمد الطرابلسي، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي عبد الله محمد بن عتاب، والمحدث أبي عمر بن الحذاء، وأبي شاكر عبد الواحد القبري، وسراج بن عبد الله القاضي، وأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، وأبي العباس أحمد بن عمر بن دلهاث، وطائفة سواهم.
ولم يرحل من الأندلس، وكان من جهابذة الحفاظ، قوي العربية، بارع اللغة، مقدمًا في الآداب والشعر والنسب. له تصانيف كثيرة في هذه الفنون، نعته بهذا وأكثر منه خلف بن عبد الملك الحافظ، وقال: أخبرنا عنه غير واحد، ووصفوه بالجلالة، والحفظ، والنباهة والتواضع، والصيانة.
قال أبو زيد السهيلي في "الروض الأنف": حدثنا أبو بكر بن طاهر، عن أبي علي الغساني، أن أبا عمر بن عبد البر قال له: أمانة الله في عنقك؛ متى عثرت على اسمٍ من أسماء الصحابة لم أذكره؛ إلَّا ألحقته في كتابي، يعني "الاستيعاب".
قال ابن بشكوال: سمعت أبا الحسن بن مغيث قال: كان أبو علي الجياني من أكمل من رأيت علما بالحديث، ومعرفةً بطرقه، وحفظا لرجاله، عانى كتب اللغة، وأكثر من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحد أدركناه، وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ، فكتبه حجة بالغة، جمع كتابا في رجال "الصحيحين" سماه "تقييد المهمل وتمييز المشكل"، وهو كتاب حسن مفيد، أخذه الناس عنه، قال ابن بشكوال: سمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحجاج عنه … لزم بيته لزمانة لحقته.
قلت: وروى عنه أيضا: محمد بن محمد بن حكم الباهلي، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم الجياني، الملقب بالبغدادي، والقاضي أبو علي بن سكرة، وأبو العلاء زهر بن عبد
(١) ترجمته في الصلة لابن بشكوال "١/ ١٤٢ - ١٤٣"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "٢/ ١٨٠"، والعبر "٣/ ٣٥١"، وتذكرة الحفاظ "٤/ ترجمة ١٠٤٩"، والديباج المذهب لابن فرحون المالكي "١/ ٣٣٢"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٥/ ١٩٢"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٣/ ٤٠٨ - ٤٠٩".