الإدريسي، أخو المعتلي بالله، لما قُتِلَ أخوه بادر أبو جعفر أحمد بن موسى بن بَقَنَّة، ونجا الصقلبي الخادم، فأتيا مالقة وهي دار ملكهم، فأخبرا إدريس بن علي بقتل أخيه وكان بسبتة، فدخل الأندلس.
بويع بمالقة بالخلافة، ولقِّب بالمتأيد بالله، وجعل ابن أخيه حسن بن المعتلي واليًا على سبتة.
ثم إنه استنجد بإدريس محمد البربري على حرب عسكر إشبيلية، فأمَدَّه بجيش عليهم ابن بقنة، فهزموا عسكر إشبيلية، وكان عليه إسماعيل ولد القاضي ابن عبَّاد، وقتل إسماعيل، وحمل رأسه إلى إدريس بن علي، فوافاه وهو عليل، فلم يعش إلَّا يومين ومات، وخلف من الولد محمدًا الذي لقب بالمهدي، والحسن الذي لقب بالسامي.
وكان المعتلي بالله قد اعتقل محمدًا وحسنًا ابني عمه القاسم بن حَمُّود بالجزيرة الخضراء، ووكَّل بهما رجلًا من المغاربة، فحين بلغه خبر مقتل المعتلي جمع من كان في الجزيرة من البربر والسودان، وأخرج محمدًا وحسنًا، وقال: هذان سيداكم، فسارعوا إلى الطاعة لهما، فبويع محمد، وتملَّك الجزيرة، لكنه لم يتسم بالخلافة، وأما أخوه الحسن فأقام معه مدةً، ثم تزهَّد وليس الصوف، وفرغ عن الدنيا، وحج بأخته فاطمة.
ولما بلغ نجا الصَّقْلَبي وهو بسبتة موت إدريس، عدَّى إلى مالقة ومعه حسن بن يحيى بن علي، فخارت قوى ابن بقنة، وهرب، فتحصَّن بحصن لمارش وهو على بريد من مالقة، فبويع الحسن بن يحيى بالخلافة، وتسمَّى بالمستعلي، ثم آمن ابن يقنة، فلمَّا قدم عليه قتله، ثم قتل ابن عمه يحيى بن إدريس بن علي، ورجع نجا إلى سبتة، ثم هلك حسن المستعلي بعد سنتين.
فجاز نجا ليملك البلاد، فقتله البربر، وأخرجوا من السجن إدريس ابن المعتلي، فبايعوه
(١) ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "٨/ ٣٢٤".