للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[غزوة الخندق]

قال الواقدي: وهي غزوة الأحزاب، وكانت في ذي القعدة.

قالوا: لما أجلى رسول الله بني النضير ساروا إلى خيبر، وخرج نفر من وجوههم إلى مكة فألبوا قريشا ودعوهم إلى حرب رسول الله وعاهدوهم على قتاله، وواعدوهم لذلك وقتا. ثم أتوا غطفان وسليما، فدعوهم إلى ذلك، فوافقوهم.

وتجهزت قريش وجمعوا عبيدهم وأتباعهم، فكانوا في أربعة آلاف، وقادوا معهم نحو ثلاثمائة فرس من سوى الإبل. وخرجوا وعليهم أبو سفيان بن حرب، فوافتهم بنو سليم بمر الظهران، وهم سبعمائة وتلقتهم بنو أسد يقودهم طليحة بن خويلد الأسدي، وخرجت فزارة وهم في ألف بعير يقودهم عيينة بن حصن، وخرجت أشجع وهم أربعمائة يقودهم الحارث بن عوف، وقيل: إنه رجع ببني مرة، والأول أثبت، فكان جميع الأحزاب عشرة آلاف وأمر الكل إلى أبي سفيان وكان المسلمون في ثلاثة آلاف. هذا كلام الواقدي.

وأما ابن إسحاق فقال: كانت غزوة الخندق في شوال.

قال: وكان من حديثها أن سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وكنانة بن الربيع، وهوذة في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله ، قدموا مكة فدعوا قريشا إلى القتال، وقالوا: إنا نكون معكم حتى نستأصل محمدا. فقالت قريش: يا معشر يهود، إنكم أهل كتاب وعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق. وفيهم نزل: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾ [النساء: ٥١] الآيات، فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا إلى الحرب واتعدوا لهم. ثم خرج أولئك النفر اليهود حتى جاءوا غطفان، فدعوهم فوافقوهم.

فخرجت قريش، وخرجت غطفان وقائدهم عيينة في بني فزارة، والحارث بن عوف المري في قومه، ومسعود بن زحلية فين تابعه من قومه أشجع. فلما سمع بهم النبي حفر الخندق على المدينة وعمل فيه بيده، وأبطأ عن المسلمين في عمله رجال منافقون، وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه. وكان في حفره أحاديث بلغتني، منها: بلغني أن جابرا كان يحدث أنهم اشتدت عليهم كدية فشكوها إلى رسول الله ، فدعا بإناء من ماء فتفل فيه، ثم دعا بما شاء الله، ثم نضح الماء على الكدية حتى عادت كثيبا.

وحدثني سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله قال: عملنا مع رسول الله في الخندق فكانت عندي شُويهة، فقلت: والله لو صنعناها لرسول الله ، فأمرت امرأتي فطحنت لنا شيئا من شعير، فصنعت لنا منه خبزا، وذبحت تلك الشاة فشويناها، فلما أمسينا وأراد رسول الله الانصراف، وكنا نعمل في الخندق نهارا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا، فقلت: يا رسول الله إني قد صنعت كذا وكذا، وأحب أن تنصرف معي، وإنما أريد أن ينصرف معي وحده فلما قلت له ذلك قال: "نعم". ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله إلى بيت جابر. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فأقبل وأقبل الناس معه، فجلس وأخرجناها إليه، فبرك وسمى، ثم أكل وتواردها الناس كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس، حتى صدر أهل الخندق عنها.

وحدثني سعيد بن ميناء، أنه حدث أن ابنة لبشير بن سعد قالت: دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: أي بنية اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بغدائهما. فانطلقت بها فمررت برسول الله وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال: ما هذا معك؟ قلت: تمر بعثت به أمي إلى أبي وخالي، قال: هاتيه فصببته في كفي رسول الله فملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط، ثم دحا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب، ثم قال لإنسان عنده:

<<  <  ج: ص:  >  >>