صاحب مصر، الخادم الأستاذ، أبو المسك، كافور الإخشيذي، الأسود.
تقدَّم عند مولاه الإخشيذ، وساد لرأيه وحزمه وشجاعته، فصيِّره من كبار قوَّاده، ثم حارب سيف الدولة، ثم صار أتابك أنوجور ابن أستاذه، وتمكَّن.
قال وكيله: خدمت كافورًا وراتبه في اليوم ثلاث عشرة جراية، وقد بلغت على يدي ثلاثة عشر ألف جراية.
مات الملك أنوجور شابًا في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، فأقام كافور أخاه عليًّا في السلطنة، فبقي ست سنين، وأزمَّة الأمور إلى كافور، وبعد تسلطن وركب الأسود بالخلْعة السوداء الخليفتية، فأشار عليه الكبار بنصب ابن لعلي صورة في اسم الملك، فاعتلَّ بصغره، وما التفت على أحد، وأظهر أن التقليد والأهبة جاءته من المطيع، وذلك في صفر سنة خمس وخمسين، ولم ينتطح فيها عنزان.
وكان مهيبًا سائسًا حليمًا جوادًا وقورًا، لا يشبه عقله عقول الخدام، وفيه يقول المتنبي:
قواصد كافور توارك غيره … ومن قصد البحر استقلَّ السواقيا
فجاءت بنا إنسان عين زمانه … وخلت بياضًا خلفها ومآقيا
فأقام عنده أربع سنين، وناله مال جزيل، ثم هجاه لآمة وكفرًا لنعمته، وهرب على البريّة يقول:
مَنْ عَلَّمَ الأسود المخصيَّ مَكْرُمَةً … أقوامه البيض أم آباؤه الصيد