٢٠٢٨ - السَّرِي بن المُغَلِّس السِّقَطِي (١):
الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو الحسن البغدادي.
ولد في حدود الستين ومائة.
وحدث عن: الفضيل بن عياض، وهشيم بن بشير، وأبي بكر بن عياش، وعلي بن غراب، ويزيد بن هارون، وغيرهم بأحاديث قليلة، واشتغل بالعبادة، وصحب معروفًا الكرخي، وهو أجل أصحابه.
روى عنه: الجنيد بن محمد، والنوري أبو الحسين، وأبو العباس بن مسروق، وإبراهيم
ابن عبد الله المخرمي، وعبد الله بن شاكر، فروى ابن شاكر. عنه، قال: صليت وردي ليلة، ومددت رجلي في المحراب، فنوديت: يا سري كذا تجالس الملوك! فضممتها، وقلت: وعزتك لا مددتها.
قال أبو بكر الحربي: سمعت السري يقول: حمدت الله مرة، فأنا أستغفر من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة قيل: وكيف ذاك? قال: كان لي دكان فيه متاع، فاحترق السوق، فلقيني رجل، فقال: أبشر دكانك سلمت، فقلت: الحمد لله ثم فكرت، فرأيتها خطيئة.
ويقال: إن السري رأى جارية سقط من يدها إناء، فانكسر، فأخذ من دكانه إناء، فأعطاها، فرآه معروف الكرخي، فدعا له قال: بغض الله إليك الدنيا. قال: فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف.
وقال الجنيد: سمعت سريًّا يقول: أشتهي منذ ثلاثين جزرة أغمسها في دبس وآكلها، فما يصح لي. وسمعته يقول: أحب أن آكل أكلة ليس لله علي فيها تبعة، ولا لمخلوق فيها منة، فما أجد إلى ذلك سبيلا. ودخلت على السري، وهو يجود بنفسه، فقلت: أوصني. قال: لا تصحب الأشرار، ولا تشتغلن عن الله بمجالسة الأخيار.
قال الفرخاني: سمعت الجنيد يقول: ما رأيت أعبد لله من السري أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رئي مضطجعًا إلا في علة الموت.
قال الجنيد: وسمعته يقول: إني لأنظر إلى أنفي كل يوم مخافة أن يكون وجهي قد اسود، وما أحب أن أموت حيث أعرف، أخاف أن لا تقبلني الأرض، فأفتضح.
وسمعته يقول: فاتني جزء من وردي، فلا يمكنني قضاؤه، يعني: لاستغراق أوقاته.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: كان السري أول من أظهر ببغداد لسان التوحيد وتكلم في علوم الحقائق، وهو إمام البغداديين في الإشارات.
قلت: وممن صحبه: العباس بن يوسف الشكلي، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي.
توفي في شهر رمضان، سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
وقيل: توفي سنة إحدى وخمسين.
وقيل: سنة سبع وخمسين.
(١) ترجمته في حلية الأولياء "١٠/ ترجمة ٤٦٩"، وتاريخ بغداد "٩/ ١٨٧"، والعبر "٢/ ٥"، ولسان الميزان "٣/ ١٣"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٢/ ٣٣٩"، وشذرات الذهب لابن العماد "٢/ ١٢٧".