للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٧٨ - العَكَوَّك (١):

فحل الشعراء أبو الحسن علي بن جبلة بن مسلم الخراساني.

قال الجاحظ: كان أحسن خلق الله إنشادًا ما رأيت مثله بدويًا ولا حضريًا.

وكان من الموالي، وقد ولد أعمى، وكان أسود أبرص، وشعره سائر، وهو القائل في أبي دلف الأمير:

ذاد ورد الغي عن صدره … فارعوى واللهو من وطره

ومن المديح:

إنما الدنيا أبو دلف … بين مغزاه ومحتضره

فإذا ولى أبو دلف … ولت الدنيا على أثره

كل من في الأرض من عرب … بين باديه إلى حضره

مستعير منك مكرمة … يكتسيها يوم مفتخره

وهي طويلة بديعة وازن بها قصيدة أبي نواس:

أيها المنتاب عن عفره … لست من ليلي ولا سمره

قال ابن عنين: ما يصلح أن يفاضل بين القصيدتين إلَّا من يكون في درجة هذين الشاعرين.

وقال ابن المعتز في طبقات الشعراء. لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب، وقال: اطلبوه فطلبوه قلم يقدروا عليه؛ لأنه كان مقيمًا بالجبل ففر إلى الجزيرة ثم إلى الشامات فظفروا به فحمل مقيدًا إلى المأمون فقال: يا ابن اللخناء! أنت القائل:

كل من في الأرض من عرب ...........

جعلتنا نستعير منه المكارم؟ قال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لا يقاس بكم قال: والله ما أبقيت أحدًا وإنما أستحل دمك بكفرك حيث تقول:

أنت الذي تنزل الأيام منزلها … وتنقل الدهر من حال إلى حال

وما مددت مدى طرف إلى أحد … إلا قضيت بأرزاق وآجال

ذاك هو الله، أخرجوا لسانه من قفاه. ففعلوا به، فمات سنة ثلاث عشرة ومائتين، ومات كهلا.


(١) ترجمته في التاريخ الكبير "٦/ ترجمة ٢٣٦٠"، والجرح والتعديل "٦/ ترجمة، ٩٧١"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "٢٠/ ١٤"، وتاريخ بغداد "١١/ ٣٥٩"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "٣/ ترجمة ٤٦١"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "٢/ ٣٠".
والعكَوَّك: هو القصير السمين مع صلابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>