١٨٢١ - أبو تَمَّام (١):
شاعر العصر، أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس الطائي من حوران من قرية جاسم.
أسلم، وكان نصرانيًّا. مدح الخلفاء والكبراء. وشعره في الذروة.
وكان أسمر، طوالا فصيحًا، عذب العبارة مع تمتمة قليلة.
ولد في أيام الرشيد. وكان أولا حدثًا يسقي الماء بمصر ثم جالس الأدباء وأخذ عنهم وكان يتوقد ذكاء. وسحت قريحته بالنظم البديع، فسمع به المعتصم فطلبه وقدمه على الشعراء وله فيه قصائد. وكان يوصف بطيب الأخلاق والظرف والسماحة.
وقيل: قدم في زي الأعراب فجلس إلى حلقة من الشعراء وطلب منهم أن يسمعوا من نظمه فشاع وذاع وخضعوا له، وصار من أمره ما صار. فمن شعره:
فحواك عين على نجواك يا مذل … حتام لا يتقضى قولك الخطل
المذل: الخدر الفاتر.
فإن أسمح من يشكو إليه هوى … من كان أحسن شيء عنده العذل
ما أقبلت أوجه اللذات سافرة … مذ أدبرت باللوى أيامنا الأول
إن شئت أن لا ترى صبرًا لمصطبر … فانظر على أي حال أصبح الطلل
كأنما جاد مغناه فغيره … دموعنا يوم بانوا فهي تنهمل
ومر فيها، إلى أن قال: وهي في المعتصم:
تغاير الشعر فيه إذ سهرت له … حتى ظننت قوافيه ستقتتل
وقد كان البحتري يرفع من أبي تمام، ويقدمه على نفسه ويقول: ما أكلت الخبز إلا به وإني تابع له. ومن شعره:
غدت تستجير الدمع خوف نوى الغد … وعاد قتادًا عندها كل مرقد
وأنقذها من غمرة الموت أنه … صدود فراق لا صدود تعمد
فأجرى لها الإشفاق دمعًا موردا … من الدم يجري فوق خد مورد
هي البدر يغنيها تورد وجهها … إلى كل من لاقت وإن لم تودد
ولكنني لم أحو وفرًا مجمعا … ففزت به إلا لشمل مبدد
وطول مقام المرء بالحي مخلق … لديباجتيه فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبة … إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
(١) ترجمته في الأغاني لأبي فرج الأصبهاني "١٦/ ٣٨٣"، وتاريخ بغداد "٨/ ٢٤٨"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "٢/ ترجمة ١١"، والعبر "١/ ٤١١"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "٢/ ٢٦١"، وشذرات الذهب لابن العماد "٢/ ٧٢".