للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٤٣ - نفيسة (١):

السيدة المكرمة الصالحة ابنة أمير المؤمنين الحسن بن زيد بن السيد سبط النبي الحسن بن علي العلوية الحسنية، صاحبة المشهد الكبير المعمول بين مصر والقاهرة.

ولي أبوها المدينة للمنصور، ثم عزله وسجنه مدة فلما ولي المهدي أطلقه، وأكرمه ورد عليه أمواله، وحج معه فتوفي بالحاجر (٢).

وتحولت هي من المدينة إلى مصر مع زوجها الشريف إسحاق بن جعفر بن محمد الصادق فيما قيل ثم توفيت بمصر في شهر رمضان سنة ثمان ومائتين.

ولم يبلغنا كبير شيء من أخبارها.

ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف ولا يجوز مما فيه من الشرك ويسجدون لها، ويلتمسون منها المغفرة، وكان ذلك من دسائس دعاة العبيدية.

وكان أخوها القاسم رجلًا صالحًا زاهدًا خيرًا سكن نيسابور، وله بها عقب منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ البيهقي.

وقيل: كانت من الصالحات العوابد، والدعاء مستجاب عند قبرها، بل وعند قبور الأنبياء والصالحين (٣)، وفي المساجد وعرفة ومزدلفة وفي السفر المباح، وفي الصلاة وفي السحر ومن الأبوين، ومن الغائب لأخيه ومن المضطر وعند قبور المعذبين وفي كل وقت وحين لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]. ولا ينهى الداعي عن الدعاء في وقت إلَّا وقت الحاجة، وفي الجماع وشبه ذلك ويتأكد الدعاء في جوف الليل ودبر المكتوبات وبعد الأذان.


(١) ترجمتها في وفيات الأعيان لابن خلكان "٥/ ترجمة ٧٦٨"، والعبر "١/ ٣٥٥"، والنجوم الزاهرة "٢/ ١٨٥"، وشذرات الذهب لابن العماد "٢/ ٢١".
(٢) الحاجر: قرية على خمسة أميال من المدينة.
(٣) يقول محمد أيمن الشبراوي: إن دعاء بعض الناس عند قبور الأولياء الصالحين التماسا لإجابة الدعاء بدعة منكرة تفضي إلى الشرك؛ لأن الداعي سيظن أن إجابة دعائه بسبب دعائه عند المقبور، وتزلفه إليه بوقوفه بجوار قبره عند الدعاء، وقد نهى الله ﷿ ورسوله عن اتخاذ الوسطاء بينهم وبينه في الدعاء فقال : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦]، فلم يوسط أحدا من الخلق بين العباد وبينه سبحانه، بل إنه سيبجيبهم إذا دعوه، بخلاف السؤال عما يجهله العباد فقد وسط الله -جل وعز- رسوله ومصطفاه فقال ﷿: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩]، فوسط الله رسوله في إجابتهم عما يجهلونه. وقال : ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٧]، وقال ﷿: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [البقرة: ٢١٧]، وقال سبحانه ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، وهكذا في كل ما يجهله العباد وسط الله رسوله لإجابة العباد عما يسألونه، أما في الدعاء فقد رفع الله الوساطة بينه وبين عباده، ولو كان هذا الوسيط أفضل الخلق فلا وساطة في الدعاء كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ٢١٧]، فحقيق بكل مسلم يريد النجاة في الآخرة من نار جهنم ألا يجعل بينه وبين ربه وسطاء، ولو كان أفضل الخق ، ولا يتزلف إليه سبحانه فدعائه عند أحد من المقبورين، ولو كان قبر صفية ، فالحذر الحذر أيها المسلمون من اتخاذ الوسطاء في الدعاء، والحذر الحذر من دعاء الله سبحانه عند قبر أحد من الصالحين، ولو كان سيد الخلق .

<<  <  ج: ص:  >  >>