قال ابن إسحاق: فلما كان الغد من يوم الأحد يعني صبيحة وقعة أحد؛ أذن مؤذن رسول الله ﷺ في الناس لطلب العدو، وأذن مؤذنه:"لا يخرج معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس". وإنما خرج رسول الله ﷺ مرهبا للعدو ليبلغهم أنه قد خرج في أثرهم وليظنوا به قوة.
وقال ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود، عن عروة قال: قدم رجل فاستخبره النبي ﷺ عن أبي سفيان فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون، يقول بعضهم لبعض: لم تصنعوا شيئا، أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثم تركتموهم ولم تبيدوهم، وقد بقي منهم رءوس يجمعون لكم. فأمر رسول الله ﷺ أصحابه -وبهم أشد القرح- بطلب العدو، ليسمعوا بذلك. وقال:"لا ينطلقن معي إلا من شهد القتال". فقال عبد الله بن أبي: أركب معك؟ قال: لا. فاستجابوا لله والرسول على ما بهم من البلاء. فانطلقوا، فطلبهم النبي ﷺ حتى بلغ حمراء الأسد.
وقال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان؛ أن رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ من بني عبد الأشهل قال: شهدت أحدا مع رسول الله ﷺ أنا وأخ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله ﷺ بالخروج في طلب العدو، قلت لأخي، فقال لي: تفوتنا غزوة مع رسول الله ﷺ؟ ووالله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح. فخرجنا مع رسول الله ﷺ، وكنت أيسر جراحة منه، فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. فخرج رسول الله ﷺ حتى انتهى إلى حمراء الأسد، وهي من المدينة على ثمانية أميال، فأقام بها ثلاث ثم رجع.